بالأمس كنت أبكي، بكيت كثيرا، وأثناء بكائي كنت أتذكر تجاعيد عيني التي أراها كلما اقتربت من المرآة ما فيه الكفاية، 26 عاما وتجاعيد عيني تكاد تمد يدها مصافحة كلما رأت انعاكسي.. تذكرت تعليق الصديق الذي قابلته مؤخرا بعد غياب ثلاث سنوات "بس انتي شكلك كبر أوي" وردي المقتضب "3 سنين يكبّروا أي حد".
ربما حكيت لك مرة أنني أحب التجعيدة الوحيدة الموجودة في زاوية فمي اليمنى (أكانت اليمنى أم اليسرى؟) لأنها ظهرت بسبب ضحكتي المعوجة، كلما ازدادت تلك التجعيدة عمقا كلما ذكّرت نفسي أن كثيرا من الأوقات الطيبة مضت، وأنني ضحكت كثيرا، وأن الأمر يستحق البقاء.
وعلى الصعيد الآخر، فأنا أكره تجاعيد عينيّ الناتجة عن كثرة البكاء. أنا أبكي بسهولة كما تعلم، ولكنني لا أنخرط في البكاء إلا لسبب قوي، وعندها، أتداعى بالكامل، تدهمني الأفكار السيئة كعربة قطار مسرعة محملة بالديناميت، يرتج جسدي بالغضب وأنظر للنافذة، ولسبب ما يكون الانتحار أقرب من يدك في كل مرة.
كلما أرى تجاعيد عيني في المرآة أتذكر الكثير من المعارك الفاشلة، بيت أبي، الخذلان والفقد ولحظات الهشاشة والكثير جدا من المرارة والحمق والمثالية.
كنت أحب أن تبقى أنت بعيدا عن كل هذا، ألا أراك مع من أرى في تجاعيد عيني، وأن تكتفي بحفر اسمك في تجعيدة فمي بكل ما أوتيت من طاقة، ولكنك هناك، ذهبت وستبقى ولا سبيل لإرجاعك.
فقط لو لم ترحل بالأمس، لو كنت قبّلت جبهتي وقلت لي "أحبك" أو لم تقلها حتى.. لو كنت احتضنتني حتى ننام.. ربما كان هذا الصباح ليبدو مختلفا، كنت لأصنع لك صينية مكرونة بالبشاميل على الغداء بدلا من تلك التي احترق وجها، كنا لنتقاسم معا طبق ملوخية ساخن أو كأس فودكا، أو ربما كنت لأمضي اليوم بين ذراعيك بدلا من كتابة هذا الهراء.
أتعرف ما المشكلة؟
المشكلة أن سؤالا مثل:"كل ده كان ليه" واستدراكا مثل "أنا مش بعاتبك دلوقت أنا بدّي أقول ليه ليه دا يحصل" ليسا في أغنية واحدة.