الخميس، 29 يناير 2015

اليوم يا عب غني فكرت في الانتحار

بذات التسلسل الذي أفكر به في الانتحار عادة.. لا شىء من هذا باقٍ، لا شىء محتمل، لا معنى لهذا كله، والأمر كله – وبالأمر أعني الحياة في مجملها – أصعب مما ينبغي.. أصعب كثيرا مما ينبغي، وأمامي على حائط اليأس العظيم وقعت عيني على تلك العبارات تباعا: كسم كل ده كان ليه؟ خصومة قلبي مع الله ليس سواه – واحمل عبء قلبك وحدك التي قرأتها مرارا، ثم عدت مجددا للسؤال الأول.. كسّم كل ده كان ليه؟
لم أفكر – كما أفعل عادة ـ في تلك المصيبة التي قد أجلبها على الرفاق في البيت حين يدخل أحدهم غرفتي ليجد جثة جميلة باردة وفراش غارق في الدماء، ولا في الديون "المتلتلة" التي أدين بها للكثيرين والحيطان الكثيرة التي سألبسهم فيها، لم أفكر حتى في نجلاء.
فكرت فقط ألا مجال للعودة هذه المرة..
هذه المرة لم أفكر في تقطيع شراييني كالمرة السابقة، ولا في إلقاء نفسي من النافذة كالمرات التي سبقتها، فكرت في دواء السكر.. سآخد جرعة كبيرة جميلة من دواء السكر، وهوب، غيبوبة سكر، ثم هوب، لا شئ.
لم أفكر في الآخرة، هذه الفكرة التي طردتها من رأسي بالتدريج، فلم تبق منها سوى رواسب باهتة عادة ما تكون آخر ما أقلق بشأنه عندما أفكر في الانتحار، أنا لست متيقنة من شئ بالطبع، ولكن عقلي يخبرني أن لو كانت هناك عدالة حقيقة لتحققت على الأرض قبل أن تتحقق في عوالم الغيب، وأن تلك العدالة الحقيقة إن وجدت ستتفهم ما جرّني لهذا الموقف المحرج.
لم أفكر فيك يا يوسف، كنت على الجانب الآخر من الهاتف، تتحدث وتتحدث، وتلقي باللوم عليّ في أشياء تعلم جيّدا ألا لوم عليّ فيها، وفي خيالي، رأيتك ممسكا بإزميل صغير، ورأيت نفسي تمثالا من الطين، وأنت تفتته بهدوء حينا وبعنف حينا. كان شعر التمثال في خيالي أطول من شعري قليلا.
عندما انتهى طيفك من تحطيم التمثال، كنت أنت مازلت على الهاتف، وكنت أجيبك وأنا أصرخ، وأفكر في اسم دواء السكر.. أسيدوفاج كان اسمه؟ لايهم، سأتأكّد من على الانترنت.. نعم، دواء السكر.. هكذا ينتحر ذوو الخلفيات الطبية، دون ألم ودون فوضى ودون مشانق معلقة أو دماء على الفراش.. ودون سبيل للعودة أو للإنقاذ.
سأنهي مكالمتنا الآن، سأطلب الصيدلية، سيأتي الدواء، سأتناول العلبة كاملة، وأنسحب في هدوء من تلك المعركة العبثية برمتّها.
هنا، بعد أن اكتملت ملامح خطتي المحكمة، تذكّرتك يا عب غني، شعرت أنني أخون اتفاقنا بأن ننتحر معًا عندما تتأكد من أنك لبست جيش في مايو القادم. شعرت بالذنب قليلا، ولكن أخبرت نفسي أنك ولابد ستتفهم هذا كله يوما.
عندما قررت أن أطلب الصيدلية، أدركت ألا رصيد في الموبايل.. وأنني اقترضت من أوغاد فودافون كل ما يمكن اقتراضه، وأن تليفون المنزل خارج الخدمة لأننا لم ندفع الفاتورة.. ضحكت كثيرا لقاع البؤس الذي أسبح فيه وحدي، ثم فكّرت فيما أفكر فيه عادة عندما أهم بالانتحار: الأصدقاء، الديون، نجلاء.

لن أنتحر اليوم يا عب غني، الإفلاس أنقذ حياتي.. تخيل؟ سأبقى على خطتنا السابقة، لننتحر معا في مايو المقبل، وأعدك أنني سأحتفظ في أقرب فرصة بأحد كروت الفكة في محفظتي – بعد أن أشتري محفظة بدلا من تلك التي سرقها ذلك الخول مؤخرا – لنجري المكالمة التي ستنقذنا من كل هذا.

الثلاثاء، 16 ديسمبر 2014

عن الملحدين والمثليين والعياذ بالله


(1)
في العام 1964، كتب الأخوان رحباني وأخرجا مسرحية باسم "بياع الخواتم" من بطولة فيروز وشمس نصري، تلك المسرحية التي تحولت فيلم فيما بعد، والتي تحكي عن "مختار" ضيعة ما، الذي يقرر أن يكذب على أهل ضيعته ويوهمهم أن ضيعتهم "مستهدفة" من شخص ما اسمه راجح.. وهو شخصية وليدة خيال المختار، يستخدمها لإيهام أهل الضيعة أنه يحميهم من "خطر ما". وبالكثير من القصص الوهمية عن الكثير من البطولات الوهمية، تمكن المختار من إقناع أهل ضيعته أنه منقذهم الوحيد، وأنه الأفضل لمنصبه.

(2)
مثليين والعياذ بالله

في سبتمبر، ألقت الشرطة المصرية القبض على 9 أشخاص شاركوا في حفل زفاف للمثليين في مركب في النيل.. التهمة؟ تهمة الداخلية الأثيرة التي تستخدمها في القبض على أي شخص، ممارسة الفجور والتحريض على الفسق.
هل هناك قانونا يخص المثليين في الدستور؟ الإجابة لا، ولكن ممارسة الفجور تهمة مطاطة جدا، يمكن توجيهها لأي شخص، بداية من مراهقين قررا اختلاس قبلة في الشارع، وحتى شابين مثليين قررا إعلان زفافهما على مركب في النيل، وبالطبع هي الأنسب للمجموعة من المثليين في حمام شعبي.
هل ألقت الداخلية القبض على الشباب في أوضاع مخلة؟ لا، في الواقع ألقت الداخلية القبض على الشباب بعد انتشار فيديو الزفاف على مواقع التواصل الاجتماعي. طاردتهم - بعزيمة وإصرار يحسدوا عليه - وألقت القبض عليهم بعد الفرح ما انفض وانتشرت الحكاية..  فأي خطر يشكله زفاف شابين على أمن مصر القومي؟ وأي خطر يشكله شخص كل ما يجعله مختلفا هو أنه قرر استخدام "فتحات جسمه" بشكل مختلف؟
ومنذ أيام، قررت  "منى عراقي" أن تهاجم حماما شعبيا وتصور رواده عرايا كما ولدتهم أمهاتهم، في خبطة صحفية عظيمة - من وجهة نظرها المشوهة - تكشف عن أحد أوكار "الشذوذ" على حد وصفها الأول الذي تراجعت عنه بعد الهجوم الحاد الذي تعرضت له إثر "خبطتها الصحفية" الحمقاء، لتوضح أنها صورت حلقتها في إطار "مكافحة الآيدز" .. والنبي إيه؟
لم تكتف عراقي بدورها كصحفية، بل قررت أن تقوم بدور" مرشد البوليس" أيضا، فقامت بالإبلاغ عن الحمام، ثم قامت - وبكل سفالة الدنيا - بتصوير لحظات مداهمة الحمام.
للمرة الثانية نتساءل: ما الخطر الحقيقي الذي تشكله مجموعة من الناس قررت استخدام "فتحات أجسامهم الخاصة " بشكل مختلف عن الشكل الذي تستخدمين به "فتحاتك" سيدتي؟ وما علاقة ما فعلتيه بالتوعية عن الآيدز؟ وما مفهومك عن المهنية؟ حد فاهم حاجة؟
لدينا في مصر مستنقع من الممارسات الجنسية المؤذية التي هي أولى بالمطاردة والتتبع - إذا كنا لا محالة سنتتبع القضايا الجنسية لمغازلة الرأي العام -  بداية من التحرش الجنسي بالفتيات في الشارع  وزواج القاصرات، وحتى اغتصاب الأطفال والمعاقين، لدينا الكثير جدا من الخراء الذي يتخطى بكثير مجموعة من المثليين في حمام عام أو في مركب في النيل، خراء يمكن أن يبدو تنظيفه إنجازا يستحق الإشادة والاحتفال..

(3)
ملحدين وعبدة شيطان والعياذ بالله

في العام 1997، ألقت الداخلية القبض على نحو 90 شابا وفتاة في قضية عبدة الشيطان الشهيرة، التهمة؟ في الواقع لم تكن هناك تهمة محددة، هم فقط مختلفون بشكل مزعج، يسمعون موسيقى لا نفهمها ويتبنون أفكارا لا نستسيغها ويتحررون من قيودنا الأخلاقية المتوارثة.
بعد الكثير من "الهري" في قضية عبدة الشيطان التي كانت لبانة الرأي العام لفترة محترمة آنذاك، خرج المستشار هشام سرايا الذي باشر تحقيقات القضية ليؤكد أن مصر "مافيهاش عبدة شيطان" وإن دول مجرد "شوية عيال أغنيا بيقلدوا تقليد أعمى".
انتهت قضية عبدة الشيطان وإن ظلت ظلالها الكئيبة تلاحق من يمارس أي طقس من الطقوس التي استفاض الإعلام في وصفها آنذاك، هل تلعب/ تحب/ تستمع كثير إلى موسيقى الميتال؟ أنت من عبدة الشيطان إلى أن يثبت العكس.
هل لديك وشما غريبا أو حلق في مكان غير مألوف؟ أنت من عبدة الشيطان ولن يثبت العكس..
ربما لم يعد الاتهام بنفس الحماسة، إلا أن التهمة ستوجه لك من أقرب المقربين بمجرد أن تدير ظهرك، وهي مناسبة جدا لأي شخص يمارس شيئا لا نفهمه، ليبلغ التخلف منتهاه في إلصاق عبادة الشيطان بالإلحاد، وأهو أي حاجة تبدو فادحة ومجعلصة والسلام..
عبدة شيطان وملحدين؟ الاتنين؟ طب إزاي يا جدع؟
نسأل مجددا، ماذا يضير الحكومة لو عبد الشباب الشيطان أو الخفافيش أو دببة الكوالا؟
وماذا لو اختاروا ألا يعبدوا شيئا على الإطلاق وسابوهالكو مخضّرة؟
أي خطر تشكله مجموعة من الشباب الملحد أو اللاديني على أمن الوطن ليقوم رئيس حي عابدين بغلق مقهى "للملحدين" في شارع الفلكي؟ وأي إنجاز رآه محافظ القاهرة فيما حدث ليشيد بما فعله الرجل؟
هل هو أصلا مقهى للملحدين؟ هو في حاجة اسمها كده أصلا؟
هل هناك قانون في الدستور يعاقب الملحدين واللادينين؟ الإجابة لا..
هل سيؤدي غلق مقهى الملحدين للقضاء على ظاهرة الإلحاد؟ بالقطع لا..
للسخرية المريرة، يأتي هذا الإجراء بالتزامن مع تصريحات دار الإفتاء عن أن عدد الملحدين في مصر 866 شخص، لعلهم ظنوا أن عدد الملحدين في مصر يمثله رواد قهوة الملحدين.. وهكذا يبدو كل هذا العبث السيريالي مترابطا بعض الشىء.
وبعدين لما هما 866 نفر من 90 مليون بني آدم، فأي "صداع" يسببه هؤلاء للحكومة لتبدو مطاردتهم وتكديرعيشتهم أكتر ماهي متكدرة إنجازا يستحق الإشادة؟
صدقني يا سيدي المحافظ، ويا سيدي رئيس الحي، الملحد واللاديني أقل خطرا من فئات كثيرة تحمل فكرا إرهابيا وتدميريا، الملحد لديه حياة واحدة ولا ينوي إهدارها عليك أو على غيرك، ليس لديه جنه تنتظره في حياة أخرى يعتبر الجهاد أوسع أبوابها، ولا يرجو إلا أن يترك وشأنه.
(4)

إذا كان لابد من اختراع "راجح" جديد لضيعتنا السعيدة، فهناك الكثير من الفئات التي سيبدو الانتصار عليها - ولو وهميا - أفيد لنا ولكم، في النهاية، نحن نتشارك - بسبب صدفة عبثية حزينة لا راد  لها - هذا المربع البائس من العالم، على الأقل لو أحسنتم اختيار راجحكم، ستتخلصون يا أعزائي المخاتير من صداع الحقوقيين داخل الضيعة وخارجها، وستكفون أنفسكم وإيانا "تريقة" العالم وازدرائه.
مش كده ولا إيه؟

الأحد، 9 نوفمبر 2014

تجاعيد

بالأمس كنت أبكي، بكيت كثيرا، وأثناء بكائي كنت أتذكر تجاعيد عيني التي أراها كلما اقتربت من المرآة ما فيه الكفاية، 26 عاما وتجاعيد عيني تكاد تمد يدها مصافحة كلما رأت انعاكسي.. تذكرت تعليق الصديق الذي قابلته مؤخرا بعد غياب ثلاث سنوات "بس انتي شكلك كبر أوي" وردي المقتضب "3 سنين يكبّروا أي حد".
ربما حكيت لك مرة أنني أحب التجعيدة الوحيدة الموجودة في زاوية فمي اليمنى (أكانت اليمنى أم اليسرى؟) لأنها ظهرت بسبب ضحكتي المعوجة، كلما ازدادت تلك التجعيدة عمقا كلما ذكّرت نفسي أن كثيرا من الأوقات الطيبة مضت، وأنني ضحكت كثيرا، وأن الأمر يستحق البقاء.
وعلى الصعيد الآخر، فأنا أكره تجاعيد عينيّ الناتجة عن كثرة البكاء. أنا أبكي بسهولة كما تعلم، ولكنني لا أنخرط في البكاء إلا لسبب قوي، وعندها، أتداعى بالكامل، تدهمني الأفكار السيئة كعربة قطار مسرعة محملة بالديناميت، يرتج جسدي بالغضب وأنظر للنافذة، ولسبب ما يكون الانتحار أقرب من يدك في كل مرة.
كلما أرى تجاعيد عيني في المرآة أتذكر الكثير من المعارك الفاشلة، بيت أبي، الخذلان والفقد ولحظات الهشاشة والكثير جدا من المرارة والحمق والمثالية.
كنت أحب أن تبقى أنت بعيدا عن كل هذا، ألا أراك مع من أرى في تجاعيد عيني، وأن تكتفي بحفر اسمك في تجعيدة فمي بكل ما أوتيت من طاقة، ولكنك هناك، ذهبت وستبقى ولا سبيل لإرجاعك.
فقط لو لم ترحل بالأمس، لو كنت قبّلت جبهتي وقلت لي "أحبك" أو لم تقلها حتى.. لو كنت احتضنتني حتى ننام.. ربما كان هذا الصباح ليبدو مختلفا، كنت لأصنع لك صينية مكرونة بالبشاميل على الغداء بدلا من تلك التي احترق وجها، كنا لنتقاسم معا طبق ملوخية ساخن أو كأس فودكا، أو ربما كنت لأمضي اليوم بين ذراعيك بدلا من كتابة هذا الهراء.

أتعرف ما المشكلة؟ 
المشكلة أن سؤالا مثل:"كل ده كان ليه" واستدراكا مثل "أنا مش بعاتبك دلوقت أنا بدّي أقول ليه ليه دا يحصل" ليسا في أغنية واحدة.

الأربعاء، 29 أكتوبر 2014

غروب الحمامة الزرقاء

من فضلك شغل الأغنية أولا

لا أذكر الكثير عن ذلك اليوم، لا أذكر سوى أنه كان يوما جيدا، كنت أسير للبيت عائدة من العمل كما اعتدت أن أفعل تلك الأيام، خطوات خفيفة، أنفاس عميقة، وموسيقى لطيفة تدغدغ أذنيّ، وبجانبي تجري مياه النهر في هدوء ومن حولي تقف أشجاره الوارفات.. لحظة سكينة كاملة، ثم وجدتها.
لا يمكننا الجزم بالطبع هل كانت ذكرا أم أنثى، ولكنني أحب أن أراها أنثى، ريشات زرقاء ورمادية، ونظرات وديعة لقبلات الشمس الذهبية على جبين النهر.

تلقائيا أخرجت هاتفي لألتقط صورتها، ضغطت زر الكاميرا، وللحظة، كتمت أنفاسي، سكتت الموسيقى في أذني وسكت العالم، وتوقف كل شىء، وتفتت سَكينة المشهد لملايين من الأجزاء الصغيرة، طارت في الهواء، واستقرت في هاتفي.

الثلاثاء، 21 أكتوبر 2014

يوم جيد



بالأمس أنفقت 60 دولارا على البقالة
ركبت الحافلة للبيت، وحملت كلتا حقيبتيّ بذراعين قويين لشقتي الصغيرة وأعددت لنفسي عشاء.
ربما نختلف – أنا وأنت – حول مفهومنا عن اليوم الجيد.
هذا الأسبوع، سددت الإيجار وفاتورة بطاقة الائتمان، وعملت لـ60 ساعة ما بين وظيفتيّ،
لم أر الشمس سوى على أعقاب سجائري، ونمت كالصخرة.
نظفت أسناني صباحا، وأغلقت بابي ليلا،
وتذركت أن أشتري بعض البيض.
أمي فخورة بي،
ليس الفخر الذي قد تتباهى به في نادي الجولف بالطبع، فلن تجاري موضوعا مثل "ابنتي ذهبت لجامعة يال" بـ "وابنتي تذكرت شراء البيض"، ولكنها فخورة بي.
ترى، أنها تتذكر ما كان قبل هذا،
تلك الأسبايع التي نسيت فيها كيف يمكن أن أستخدم عضلاتي
كيف كان من الممكن أن أجلس صامتة كضباب ثقيل لأسابيع.
مع كل مكالمة من رقم غير معلوم، كانت تتوقع خبر انتحاري
تلك، كانت الأيام السيئة
كانت حياتي هدية أرغب في إرجاعها
وكان رأسي بيتا من الصنابير التالفة والمصابيح المحترقة
الاكتئاب حبيب وفي.
كل هذا الاهتمام، وتلك القدرة الفطرية على جعل كل شىء يدور حولك
كم يسهل نسيان أن غرفتك ليست هي العالم
وأن تلك الظلال الداكنة التي يرميها عليك الألم، لن تحسن من مزاجك
من السهل أن تستمر في تلك العلاقة المهلكة بدلا من إصلاح المشاكل التي نتجت عنها.
اليوم، نمت حتى العاشرة
نظفت كل ما أملك من أطباق
تشاجرت مع البنك، وأنهيت المعاملات الورقية
ربما اختلفنا – أنت وأنا – حول مفهومنا عن النضج
أنا لا أعمل بأجر، ولم أنهِ دراستي الجامعية
ولكنني لم أعد أتحدث باسم الآخرين
ولا أندم على ما لا أستطيع التكفير عنه بصدق
وأمي فخورة بي
حرقت بيتا من الاكتئاب
وأعدت طلاء جدرايات من الرمادي
وكان من الصعب أن أعيد كتابة حياتي لتصبح ما كنت أريدها عليه
ولكنني اليوم، أريد أن أحيا
لم يسل لعابي على سكين حامية
ولم أحقد على الفتى الذي ألقى نفسه من فوق جسر بروكلين
فقط نظفت حمامي
وأنهيت الغسيل
وهاتفت أخي
وقلت له " لقد كان يوما جيدا"
يوم جيد – كايت روكوفسكي

الاثنين، 20 أكتوبر 2014

Chitty Chitty Bang Bang


الفيلم دا من الأفلام القليلة اللي فهمتها وحبيتها وأنا طفلة، ولما اتفرجت عليه تاني دلوقت عرفت ليه كان طبيعي أحب الفيلم دا وطبيعي أي حد يحبه.
القصة:
مخترع فاشل وعنده طفلين بينجح أخيرا في تصليح عربية قديمة وتحويلها لحاجة فخيمة، بيطمع فيها إمبراطور شرير من بلد تانية وبيحاول يسرقها.
القصة لطيفة خالص، والخيال فيها مش أوفر، الخيط الفاصل بين الواقع والخيال - في الفيلم - واضح جدا، بس برضو مش بيفصل المشاهد، انت بتبقى عارف إن اللي بيحصل دا جزء من حدوته بيحكيها الأب لولاده ومش بتتضرر إطلاقا من ده وبتبقى عايز تكمل الحدوتة.
ولسبب ما الفيلم فكرني بقصة أليس في بلاد العجائب في النقطة دي بالتحديد، في أليس انت بتتوه شوية على ما تميز حقيقة القصة من خيالها، والتوهة بتخليك تركز في الفيلم/القصة ويتش إز حاجة حلوة، وهنا مفيش توهة والفيلم حلو برضو.
نيجي بأه لأكتر حاجتين مميزتين - بالنسبالي - في الفيلم، المناظر والمزيكا..
مناظر الفيلم مبهجة وتشرح القلب الحزين، يغلب عليها البراح، المطلوب يمكن عشان الاستعراضات.
اللوكيشنز أغلبها واسعة، سواء الـ outdoor حيث الخضرة والحقول المترامية الأطراف وبتاع، أو الـ indoor اللي معمول في حتت واسعة، قصر - مصنع، ورشة كبيييييييييراه، كده يعني.
البراح ده بيسيب في نفسك قدر مماثل من البراح، وبيخليك عايز تخلص الفيلم وتنزل تتفسح.
أما عن المزيكا، فالمزيكا عظيمة جدا، هتلزق في دماغك زي ما حصل معايا، وتلاقي نفسك بتدندنها وحيدا سعيدا، تراك تشيتي بانج بانج اترشح لأوسكار وجولدن جلوب وجرامي ومخدش أيا منهم للأسف ويتش إز ظلم وإجحاف من وجهة نظري المتواضعة.
أغاني الفيلم في المجمل لطيفة خالص، كمان أغنية Hushabay mountain وأغنية استعراض العروسة، مزيكتهم مميزة جدا، والاسعراضات نفسها حلوة ومبهجة.
الفيلم فيه طاقة إيجابية كتيرة، ويستحق وقت المشاهدة.

الأحد، 19 أكتوبر 2014

Some like it hot.. مارلين ولكن


بحب مارلين مونرو لأسباب كتيرة مش من ضمنها موهبتها المثيرة للجدل، البعض بيقول إن مارلين عروسة بلاستيك عملوها الأمريكان لأسباب مهتميتش أعرفها، والبعض بيتغنى بموهبتها المتميزة كمغنية وممثلة. بالنسبالي مارلين أيقونة إغراء وست ذكية، عرفت تستغل إمكانياتها كأنثى وموهبتها اللي ممكن نختلف عليها عشان تعمل حاجات كتير جدا، عاشت 36 سنة بس، وسابت إسم هيعيش قرون.
يمكن تاني سبب لحبي لمارلين بداياتها، الطفولة التعيسة، جدا، جدا بأه، اليتم والتنطيط بين الملاجىء والاغتصاب والجواز وهي بنت 16 سنة، حتى لو كان بمزاجها، بس فكرة إنها تتجوز وهي بنت 16 سنة مؤسفة بالنسبالي في حد ذاتها.
فيلم Some like it hot واحد من الأفلام اللي المفترض إنها سابت علامة في تاريخ مارلين في السينما، وخدت عنه جولدن جلوب أحسن ممثلة، بس الفيلم في رأيي أوفر ريتد.
الفيلم خفيف، كوميدي، والأغنيتين اللي غنتهم مارلين في الفيلم I wanna be loved by you و I'm through with love حلوين جدا، ومن أقرب أغانيها لقلبي، سواء الدلع والشقاوة اللي في الأولى أو كسرة النفس والغلب اللي في التانية، بس أداء مارلين مكانش واو يعني، مأبهرتنيش ومضايقتنيش في نفس الوقت، اللي بسطني فعلا بخفة دمه وأداؤه كان جاك ليمون.

جاك بيعمل دور عازف باص بيضطر يتنكر في دور واحدة ست هربا من المافيا، بعد ما كان شاهد بالصدفة على جريمة قتل من تدبير إحدى عصاباتها، والحلاوة الحقيقية كانت في تمثيله وهو ست، اللي ممكن جدا يفكرك زي ما حصل معايا بأداء عبد المنعم ابراهيم في "سكر هانم" لما كان عامل ست برضو، نفس التلقائية والخفة والإتقان لو جاز التعبير، أقصد اتقان تمثيل دور راجل بيمثل إنه واحدة ست، وإتقان تمثيل الست نفسها.
يمكن أكتر حاجة ضحكتني في الفيلم هي قفلته المتكروتة جدا إن جاز التعبير، جملة النهاية لما الراجل اللي كان معجب بـ "دافني" أو الست اللي كان بيمثلها جاك ليمون، كان مصر يتجوزها برغم إن جاك كان بيحاول ينهيه عن ده من غير ما يقوله حقيقة إنه راجل بكل الطرق الممكنة، وآخر ما زهق شال الباروكة وقاله "I'm a man " فرد عليه العريس "No body's perfect".
الفيلم لطيف بس ميتشافش مرتين، ومفتكرش هيسيب علامة في دماغ اللي هيشوفه، وبرضك مارلين في القلب.