الثلاثاء، 29 أكتوبر 2013

العالم من فوق السرير

"انتى أعصابك تلفانة"
يرن صوت تقريرى أرستقراطى فى رأسى مكررا ذات الجملة
" انتى أعصابك تلفانة "
أتصور فى الحال امرأة أرستقراطية فى الثلاثينات ، تتحرك فى كادر بالأبيض والأسود ، مرتدية فستان أسود بأكمام مفتوح الصدر، مزينة جيدها بعقد من اللؤلؤ .. مرتدية قبعه صغيره سوداء ..
تقول المرأة فى غير رضا
" انتى أعصابك تلفانة "
أستطيب وقع "تلفانة" كوصف مناسب للحال .. أتصور فتائل أعصابى الطويلة - والتى ، ولسبب ما فى الرؤيا ، تخرج من قلبى - مشدودة لمداها ، ثم ما تلبث تتمزق تحت وطأة الشد المتواصل ، تنفتل وتلتف على نفسها .. تشحب ، وتتلف .. ألا لعنة الله على إعلانات الشامبو ..

تقطع سيّدة الأبيض والأسود عقلى مرة أخرى مكررة
" انتى أعصابك تلفانة"
خطواتها بطيئة متأنية .. يدق الحذاء الأسود ذو الكعب العالى الرفيع أرضا رخامية ، فيصدر صوتا رتيبا ..
أتأمل العالم من فوق السرير الذى لا أغادره إلا للضرورة ، ترعبنى الأصوات والإضاءة القوية ، انتفض كلما سمعت اسمى ، كلّما تحرك كرسى بالخارج ، كلما ارتطمت ملعقة بجدار صحن فى المطبخ .. كلما اقتربت أصوات أقدام أحدهم من الغرفة .. كلما دخل أحدهم الغرفة ، كلما اهتز المحمول معلنا أن أحدهم لديه ما لست مستعدة لسماعه ..
انتفض كلما حدث شىء .. أى شىء .
" انتى
أعصابك
تلفانة "
تمر السيدة إياها مرة أخيرة فى رأسى ، تنظر إلى بوجه لا أراه بوضوح ، ولكنها تحدق فىّ وتكرر جملتها ببطء ..
ا ن ت ى
أ ع ص ا ب ك
ت ل ف ا ن ة ..


الاثنين، 28 أكتوبر 2013

فيمينيزم كمان وكمان

مساء الخير ،
أنا بنت عندى 25 سنة ، مش متجوزة ولا مخطوبة ولا مرتبطة ولا ناوية أعمل أيا مما سلف ذكره فى الفترة الجاية

عشان أنا بنت ، أنا لسه عايشة مع أهلى وانا عندى 25 سنه
مينفعش أعيش لوحدى
مينفعش أسافر لوحدى
مينفعش أتأخر فى الشارع لبعد 10 ونص
وأحيانا مينفعش حتى أخرج لوحدى .

مينفعش أضحك بصوت عالى
مينفعش أبتسم واتصوّر مع ناس بحبّها والناس تشوف صورتى
مينفعش أشتم الشتايم اللى هتريّحنى نفسيّا
مينفعش أرد عاللى بيشتمنى بشتيمة تريّحنى نفسيّا

مينفعش ألبس قصير
مينفعش أركب عجلة وشعرى يطير فى الهوا
مينفعش شعرى يبان أصلا

مينفعش آخد صاحبى بالحضن لو واحشنى ، أو لو متضايق
مينفعش أصلا أقول فلان صاحبى من غير ما تطلع حوالين فلان ألف ميت مليون علامة استفهام
مينفعش أصلا إنى أقول فلان صاحبى ، ومينفعش فلان يقول عليّا صاحبته
مينفعش أقول إنى بحب فلان واحنا مش مرتبطين
ومينفعش أقول بحب فلان لو احنا مرتبطين
مينفعش أحب واحد مش جوزى
ومينفعش أحب جوزى قد مانا عايزة أحبه
زى مانا عايزة أحبّه
وقت مانا عايزة أحبّه
ومينفعش ميبقاليش جوز .

مينفعش يبقى ليّا حياة مدام ماليش جوز
لما اتجوز ممكن أبات بره البيت ، مع  جوزى ، لو جوزى وافق
لما اتجوز ممكن أسافر مع جوزى ، لو جوزى وافق
لما اتجوز ممكن ألبس اللى انا عايزاه لو جوزى وافق

مينفعش أتساب فى حالى
وكون إنى أعمل اللى على مزاجى ده معناه إنّى مش لاقية اللى يلمنى
مينفعش ميبقاش فى حد بيلمنى

أنا بنت مصرية عندى 25 ، ومينفعش أعيش كده




الخميس، 10 أكتوبر 2013

XY

المقال ده بصفته مقال فيمينيزمى النزعة ، كان مفترض فيه إنى أهرى شوية فى كون المرأة نص المجتمع و أم و أخت و مراة خال  وبنت عم ، و اتكلم شوية عن حقوق المرأة فى الدول المتقدمة والمجتمعات المتحضرة ، وبعدين أجيب كام نموذج يقطّع القلب عن الخراء الإنسانى اللى المرأة فى مجتمعنا الحبيب الغريب شارباه من كيعانها ، وأحسبن شوية عالرجالة وأمشى .
فاكس .
المشكلة فينا إحنا من الأساس كستات
مش الكلام الفارغ بتاع أصل لبسك أصل مواعيدك أصل الحتت اللى بتروحيها ، أصلكو كائن ضعيف رقيق ، أو ناقصات عقل ودين ، أو عاطفيات سهل التلاعب بيكو .. كل دا هرى ذكورى قذر ،
إحنا السبب فى تكوين رجالة على هذا القدر من التخلف و الحيوانية ، وبالتالى تكوين مجتمعات مظلمة ومكبوته زى مجتمعنا الجميل ، ويا سبحان الله فى الآخر بنكون إحنا المتضررين من هذا الكبت وهذا الظلام أكتر من أى حد تانى .
لو مشينا شوية فى حلقة الغباء المفرغة اللى المجتمع بيدور فيها ، هنلاقيها بتبدأ بواحد وواحدة بيتجوزوا ، الذكر ، محمّلا بإرث ضخم من التخلف و الهمجية بيبدأ يقمع مراته فى إطار رباط الزواج المقدّس ، مش هتكلم عن أشكال القهر بالتفصيل عشان مفتكرش فى حد مش واخد باله منها ، بس ممكن نذكر القهر الجنسى باسم الواجبات الزوجية على سبيل المثال لا الحصر ، والست فى أفضل الحالات بتبدأ تتمرد على القهر ده ، وتحارب لحد ما تستقر نسبة القهر بين 55% - 65% من النسبة الأصلية اللى ابتدوا بيها حياتهم ، وبعدين يجى الليفل اللى بعد كده : يالا نخلف عيّل .
العيّل بيتربى فى هذه البيئة المريضة على إن قهر الذكر للأنثى طبيعى، الخلاف عالنسبة والمسمى .. بتقهرها بصفتك إيه ؟ وصفتك دى تديك سلطة قهر بنسبة كام فى الميّة ؟ يفضل الواد من دول تشيله الحياة وتهبده لحد ما يكوّن نسبته الخاصة ، ويبدأ يجرّب مدى ملاءمتها على الإناث فى محيطه، ومفيش مانع من ممارسة القهر ده على أمه نفسها لو الأوضاع العائلية تسمح ، وده لحد ما يلاقى بنت الحلال اللى هيبدأ معاها دورة القهر من جديد .
طيب .
بسم الله الرحمن الرحيم كده معلومة تهمّك : الرجالة مبتربيش عيال ، الرجالة بتتفرج من بعيد ، الستات هى اللى بتربى ، وهى اللى بتحط حجر الأساس فى تكوين شخصية بنى آدم ممكن يطلع كويس وممكن يطلع حيوان ، إحنا كستات بنكون المحطة الأولى فى رحلة الإدارك اللى هتشكل فى نهاية المطاف مجموعة القناعات اللى هتنظم سلوك الأفراد ..
وغالبا ، إحنا كستات ، محملين بحصتنا من هذا الخراء اللامتناهى ، ومستسلمين تماما لفكرة إن ده قد يكون السياق الطبيعى لسير الأمور ، بنعيد تدوير الخراء ، بزرع نفس القيم اللى احنا عانينا منها جوّه ولادنا الذكور والإناث على السواء .. بنربى الولد على إن قهر أخته حق مشروع وإن نسبة رجولته تتناسب طرديا مع مقدار سيطرته عليها و تحكمه فيها ، وبنربى البنت على إن عيب، ده أخوكى الراجل ولازم تتقبل منّه كل الترهات دى ، حتى لو انتى دماغك توزن دماغ عشرتلاف واحد من عينته ، حتى لو انت الكبيرة ، حتى لو إنت الصح ، ده راجل .. والرجالة خُلِقوا لِيُطاعوا .
الأدهى إن الموضوع بيمتد ليشمل تدخلنا إحنا - كأمّهات - فى اختيار شريكات حياة ولادنا ، بحيث يصبح كون العروسة " غلبانة و منكسرة " واحد من المعايير اللازم توافرها لمباركة الجوازة - بل وأحيانا لإتمامها من الأساس .
إحنا - كستات - بنرفض أى كيان بيحاول يتمرد على منظومة القهر دى ، أو يهرب منها، والحاجات اللى كنا بنتضايق إن اخواتنا الولاد بيعملوها معانا باسم سلطتهم الذكورية المُدعاة ، هى هى نفس الحاجات اللى بنشجع ولادنا على ممارستها ضد بناتنا ، والحاجت اللى كانت قارفانا من إجوازنا ومازالت ، هى هى نفس الحاجات اللى مش هنسمحلهم يتجوزوا واحدة ممكن ترفضها أو تتمرد عليها .
والنتيجة؟
بعد أجيال وأجيال من تناقل موروث التخلّف ده ، أصبح تغيير فكر المجتمع محتاج معجزة ، معجزة تغير تفكير المرأة واستيعابها لنفسها و حقوقها فى البداية ، ومن ثم تغيير - قل نسف - المعتقدات الذكورية العقيمة اللى مسيطرة على واقعنا .

XY : الترميز الجينى للذكور ، فى مقابل XX للإناث

الجمعة، 4 أكتوبر 2013

رجعت الشتوية

كل شىء يحرض على الكتابة .

ذات يوم قال درويش
من لا يحب الآن فى هذا الصباح فلن يحب
واليوم يمكننا القول أن من لم يكتب الآن فى هذا المساء فلن يكتب ..
بالتالى ، نكتب
أن سلاما على ربات الوحى القلقات فى السماء ،
وأن روح الخريف المتسللة فى الهواء قد أنقذت كما لو بمعجزة أرواحنا التى أوشكت على العطب فى لزوجة الصيف ،
وأن التى* جاءت بالشتاء من آخر الأرض لشرفتى فى ليلتها الأولى على الأرض وغفت ، ستبقى فى القلب ولو لَم تعى هذا كلّه  ..
وأن التى أقسمت على مطاردة الخريف فى الأرض أينما حل ، لن تشهد صيفا آخر بعد اليوم .
وأن مزيج القهوة / النسكافيه والسجائر وصوت فيروز شتوىّ للغاية ، الصيف يمسخه و يشوهه ويفقده جلاله .
وأن صيف ثقيل آن له أن ينسحب خَجِلا ،
وأن العابرون سريعا جميلون ، بما لا يتنافى مع وجود من لن يُسمح لهم بالعبور ،
وأنّا نحب شخوصا كنّاها ولم نعدها ، ونحب وجوهنا فى صور لم تعد تشبهنا ، بقدر ما نحب ما أصبحنا عليه الآن ..
وأن سلاما على درويش الذى يرقد فى قبره مطمئنا ،
وأنّا اليوم ، قد غفرنا للحياة ، ما تقدم من ذنبها وما تأخر .

* رزان بنت أخت يوسف