الأحد، 26 مايو 2013

أثر الفراشة - عن نجلاء نتحدث

لو احنا صحاب ، فأنا أكيد أكيد كلمتك عن نجلاء قبل كده ، أكيد قلتلك إنها بنتى وإن انا اللى مربياها ، أكيد قلتلك إنها أقرب إخواتى - إن لم تكن أقرب الناس فى المطلق - ليا ، وثمة احتمال لا بأس به إنها تكون خرجت معانا - أنا وانت - مرة أو أكتر ، ورَوحت عملتلك آد عالفيس بوك وبقت صاحبتك عادى جدا .. صحوبية منفصلة تماما عن صحوبيتى ليك .

نجلاء أكتر حد بتصور معاه فى العالم ، أكتر حد من اخواتى بحبه يخرج معايا أنا وصحابى ، أقرب دماغ ليا - بديهى عشان انا اللى مربياها يعنى - ده غير اننا لو تغاضينا عن الفروق الطفيفة فى الوزن - حسبة عشرين كيلو ولا حاجة - فاحنا شبه بعض جدا .

نجلاء - كما تعلم على الأرجح - أصغر منى بست سنين ، بس هى أعقل منى أنا شخصيا ، وأرجل ، وأكثر تحملا للمسؤولية ، وأطول بالا ، وأقدر على مواجهة الخراء الأسرى متعدد الأبعاد اللى بنعيشه كل يوم ، والمشاركة بدور فعال فى تقليل حجمه والسيطرة على تبعاته ..
نجلاء بتقول على نفسها " تينكر بل" ، يعنى الحد اللى عارف مكان كل حاجة فى البيت ، ومكان كل حاجة مش فى مكانها فى البيت ، فى بينها و بين الأشياء المفقودة كيميا ميعنة ، عندها بوصلة داخلية بتعرفها كل حاجة ضايعة مستخبية فين - بل وأحيانا مين اللى جابها هنا .نجلاء الحد اللى عارف إزاى كل الحاجات بتشتغل ، وليه أى حاجة ممكن تعطل ، وإزاى يمكن إعادة تشغيلها كأفضل مما سبق ..

نجلاء هى الحد اللى ممكن تروح تتكلم معاه و انت مخنوق فيسمعك - واخد بالك؟ يسمعك ، يعنى ميهزش راسه لحد ما تخلص كلامك ويقولك معلش فى الآخر ، يعنى ميحاولش يقاطعك ، يعنى ميقولش انت الغلطان ، وميقولكش أنا قلتلك م الأول - ويتطوع بتقديم حلول بتكون بنسبة 80-90% فعالة فى حل الموقف أيا كان .. أو تقديم دفعة معنوية تخليك انت من تلقاء نفسك تتوصل لحل مشاكلك حل فعال .
نجلاء حضنها من أجمل الحاجات اللى ممكن تحصل لأى حد بيعيط ، والوحيدة اللى ممكن تاخد طلبك فى إنك تسمع حدوتة قبل ما تنام بجدية فى البيت القمىء ده ، اللمعة فى عينيها وانت بتحكيلها مغامرة ما - لو اتعرفت ممكن تكلفك حياتك - مبهجة أكتر من المغامرة نفسها ، يقينك التام من ان أى حاجة هى بتعرفها بتترمى فى بير مالوش قرار ومبتطلعش تانى ، تلك الطمأنينة الأبدية بينكما أن سيفان سيفك ، وصوتان صوتك *1 ، يقينك بإن أى حد هيحاول يتآمر عليك قدامها هيتفشخ ، احساس ان فى حد ف ضهرك .. فاهم؟

نجلاء هى خفة الأبدى فى اليومى ، أشواق إلى إعلى ، وإشراق جميل*2 ،
نجلاء يعنى يأس يضىء ولا يحترق*3
نجلاء يعنى حاجات كتير جدا متتقالش ..

وعلى عكس ما يبدو ده مش إعلان جواز ، دى حالة من الامتنان ان البنى آدمة دى بتقاسمنى البيت والفراش
نجلاء .. انتى عارفه

*1 من قصيدة لا تصالح - أمل دنقل
*2 من أثر الفراشة - محمود  درويش
*3 الجميلات - محمود درويش

الأربعاء، 8 مايو 2013

عن التى أحبت ابن نوح

فى اللحظة الأخيرة ، وبينما كان نوح منهمكا فى أن يجمع من كل زوجين اثنين ،
وبينما كانت القرية الظالم أهلها غارقة حتى أذنيها فى تبادل الاتهامات والاستعداد للطوفان ،
كانت هى تذرع كوخها جيئة وذهابا ،
سيرحل أهلها عما قريب فيمن سيرحل مع سفينة النجاة ،
وسترحل معهم ،
وسيبقى هو هنا ..
آه يا يام العنيد
لا بأس من محاولة أخيرة ..
تسللت من الكوخ مستغلة فوضى استعدادات الرحيل ،
وباتجاه البيت الذى غادره صاحبه منذ الصباح ليستعد لنهاية العالم ، سارت بخطى متعثرة
طرقت الباب ، مرت لحظات ، وفتح الوجه المرهق
- كنعان
- نعم
قالها بجفاء وأولاها ظهره ومضى إلى الداخل ، كانت تعلم أنه باق ، وكانت تعلم أنه يرى فى مغادرتها خيانة ، خيانة له و خيانة لشكوكهما المشتركة ، وكانت ترى فى بقائه خيانة للحياة ذاتها ..
- انت لسه مصمم متجيش معانا؟
- وانتى لسة مصممة تعيشى دور المؤمنة  وتريحى عقلك من الأسئلة وتركبى سفينة النجاة؟
راعها صدقه .. صمتت وأطرقت ..
- انت مش فاهم ، ادينى فرصة اشرحلك ، انت ممكن تاخد شكوكك معاك عالمركب ، ممكن تاخد أسئلتك و حيرتك معاك على ضهر المركب و تيجى معانا ، ولما نرسى ندور عالإجابات سوا .. لكن ، كده أسئلتك هتغرقك ، ومش هتلاقى فى ضلمة البحر ولا فى ضلمة الموت إجابات .
- والمطلوب إيه دلوقتى؟ أقول آمنت؟ أكفر بعقلى عشان أعيش؟ وبعد ماعيش؟
صمتت ..
- ما تردى؟ لما أديكو عقلى وأقول آمنت بحاجة انا مش مصدقها، مش كده أبقى اديتكو حياتى تعيشوها بدالى؟ تفرق فى إيه ضلمة البحر عن ضلمة الموت عن ضلمة الجهل؟ ولا حاجة .
فى استعطاف قالت
- كنعان ، يمكن أنا مش أحسن واحدة تقنعك ، بس مفيش وقت للأسئلة .. مفيش عمر للأسئلة ، ممكن تيجى معانا دلوقت وبعد الطوفان تقعد مع أبوك و تسأله فى كل اللى محيرك .. ولو مجاوبكش ، يا سيدى ابقى انتحر !
- انا مش عايز انتحر ، الموت مش الغاية .. الغاية الحياة ، حياتى أنا مش حياتكو انتو .. والموت اللى عايزانى أهرب منه للسفينة ، يجوز يكون مستنينى أول مانزل ، وساعتها هكون خسرت نفسى .. روحى انتى مع أهلى و أهلك .. ريحى بالك من أسئلتى الكتير .. سلمى أمرك لله .. سلمى عقلك لله .. وسيبينى هنا ، أنا هفكر ، مين عارف؟ يمكن ربنا يقدر إنى عايز أجيله بالطريقة الصعبة ومغرقش ، ونتقابل بعد كام سنة من النهارده ، وتكونى انتى زى مانتى على شكوكك ، وأكون أنا آمنت ، ويكون أبويا اللى نجى من الموت النهارده ، مات ، وساعتها هشرحلك الايمان زى ما لقيته.

كانت تعلم أن فرصة نجاحها فى اقناعه تماثل فرص نجاته من الطوفان ضعفا ..

- كنعان..
- اسمعى ، عقلى لو خنته و جيت معاكو ، لو جيت أشغله بعد كده مش هيشتغل .. أنا مش جاى معاكو .. أنا هطلع الجبل ، عشان أشوف الطوفان من فوق .. وأشوف الدنيا كلها من فوق ، زى ما الرب شايفها ، يمكن هناك أقرب للحقيقة .. يمكن هناك أفهم ..

لملمت حججها الواهية ، وألقت نظرة أخيرة على من سيلقمه البحر بعد قليل ، ودارت عينها فى الدار لتستقر على التنور ، هنا بدأ كل شىء ، هنا أصدر الرب قراره بهلاكه.. بهلاك الجميع ، ربما ، يستحق أحدهم فرصة ثانية ، ربما استحق كنعان مزيدا من الوقت ، فقط لو المزيد من الوقت ..

الثلاثاء، 7 مايو 2013

وكل شى بيخلص حتى الأحلام - تداعيات



فى اللحظة التى تأكدت فيها من حبى لك ، كان فضل شاكر يغنى " أنا اشتقتلك "

بعدها بعام بالضبط ، وفى عيد حبنا الأول ، انقطعت الشوارع و الهواتف والسبل .. كانت قوات الأمن و الموت و القلق فى كل مكان .. أتذكر انقباضنا ، أتذكر استماتتى فى محاولة الوصول إليك ، وصولى إليك فعلا .. أحلام الحرية ، ورغبتى الخفية فى أن تفاجئنى بمكالمة من الميدان ، مثلا !
لم تنزل الميدان
وانفصلنا يوم الانتخابات الرئاسية
 بعد اعتزال فضل شاكر الذى غنى لنا يوما " أنا اشتقتلك  "