الشخص الغريب - عن حسام البمبى
لا أعرف الشخص الغريب ولا مآثره
رأيت جنازة ، فمشيت خلف النعش
مثل الآخرين مطأطىء الرأس احتراما ..
بالنسبة لى ، كان حسام البمبى ، واحدا من أولئك الذين يقترح عليك الفيس بوك إضافتهم بناء على ما بينكما من أصدقاء مشتركين ، يظهر اسمه ضمن قائمة مختصرة على جانب صفحتك الرئيسية ، ربما قادنى الفضول أن أفتح صفحته مرة ، ولكنه لم يقدنى إلى أضافته .. فلم يتردد اسمه بين الأصدقاء كثيرا ، ولم أقابله أبدا .. أو لعلهم ذكروه ولكننى لم ألتفت .. من يدرى ؟
إلى أن استيقظت ذات صباح ، لأجد أن الموت اختاره دونا عن كل ولاد الوسخة كما أشار الكثيرين ..
لم أجد سببا لأسأل
من هو الشخص الغريب
أين عاش وكيف مات
فقط راعتنى التعليقات التى وجدتها على صفحات الأصدقاء ، وقادتنى إلى صفحته مرة أخرى ، المزيد من الألم ..
أمضيت نهارى أبكى شخصا لا أعرفه ، فقط لأنه خلف كل هذا القدر من التعساء ومضى ، ببساطة .. وبلا أى تأنيب للضمير ..
حادث سيارة؟
نهاية لا تليق بإنسان ، نهاية تليق بقطة شارع لا مأوى لها ، ولكنها لا تليق بشخص كان يملأ الدنيا ضجيجا منذ ساعات ..
الموت مربك جدا .. مصيبة الموت ، هى أن كل ما سيقال ، قيل .. ليصبح الصمت هو الحل الوحيد ..
فإن أسباب الوفاة كثيرة ، من بينها وجع الحياة ..
على صفحته ، نشر الأصدقاء آخر ما كتب عن اشتياقه لأبيه وأخيه المتوفى ، كان يغازل الموت فى قصيدته الأخيرة ، ويبدو أن الموت راقه ما وجده منه فاختاره .. ولبى هو النداء ولم يفكر كثيرا ، فيمن سيشغل مقعده الخالى على المقهى ، فى دموع الأصدقاء ، وفى فحوى مكالمة لم يرد عليها متعمدا ، وأخرى فاتته ، ورسالة فى صندوق بريده الاليكترونى لم يعرف مرسلها أن الموت سيقرأها نيابة عن المرسل اليه ..
رُبَّما هُوَ مثلنا في هذه
الساعات يطوي ظلَّهُ. لكنَّهُ هُوَ وحده
الشخصُ الذي لم يَبْكِ في هذا الصباح
رحل حسام بهدوء ، تاركا الكثير من الصخب و اللغط حول صورته التى يدخن فيها الحشيش على صفحته على الفيس بوك ، تاركا لولاد الحلال القرار فى إغلاق صفحته تماما ، كما فعلوا لاحقا .. تاركا ثقلا عظيما فى أرواح الكثيرين ..
ليس لدى من اليقين فى رحمة الله ما يجعلنى أدعو له بالرحمة ، ولكنه المنطق الذى يقضى بأن ينال شيئا من الراحة التى لم ينلها فى حياته .. فليرقد فى سلام إذا ، ولنمض نحن فى بحثنا عن سلامنا الخاص .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
قول ما بدالك