عزيزتى ريما
مساء الخير
أكتب إليك مساء الثامن عشر من آب - أغسطس
من حجرتى التى لم أغادرها منذ بداية اليوم ، يومى الذى بدأ فعليا فى تمام السادسة عصرا ..
استيقظت من النوم على دوىّ طلقات الرصاص القادم من جهة ألف مسكن ، وعلى التليفزيون كان السيسى يحاول تدراك الموقف وامتصاص الغضب الشعبى .. هذا رجل يعرف كيف يخاطب شعبا كشعبنا ، وأتصور أنه نجح بالفعل فى استقطاب من بدأت "إنسانيتهم" فى "النقح عليهم" ، لتخفت نغمات التنديد بالعسكر التى بدأت تتعالى مؤخرا ...
بالأمس ، كانت أمى مازالت مستمرة فى التشفى فى قتلى الإخوان ، وفى أبناء القيادات الذين بدأوا فى السقوط تباعا ..
- ماما
- نعم
رفعت اللاب توب فى وجهها
- دى أسماء البلتاجى ، بنت البلتاجى يا ماما .. ودى مش ارهابية ، ومتستاهلش إنها تتقتل
تلاشى غضبها تماما واكتست ملامحها بالحزن
- لا حول الله يا ربى .. شابة صغيرة زى دى ليه أهلها يرموها فى المرار ده بس .. منه لله اللى كان السبب ..
.
.
.
اليوم ، يمكننى القول أن موجة القتلى و الجثث المحترقة تراجعت ، وحلّت محلّها موجة المعتقلين جُزافا والتهم الملفقة ..
صحفيون وأطباء من المستشفى الميدانى ، تتناقلهم الأيدى ويُزج بهم فى السجون وتنقطع أخبارهم .. ثم تنتشر صورهم كالنار فى الهشيم على صفحات النشطاء ومنها إلى صفحات السلبيين أمثالنا ..
ها أنا ذا يا ريما ، أمضى ساعات الحظر فى بيتى ، منزعجة من صوت الطلقات وصور القتلى ، وسفالة الإعلاميين و غباء الإخوان وتوحش الشعب الذى يتزايد يوما بعد يوم .. وأحلام الوطن المثالى والحرية وتقبل الآخر التى تحلق مبتعده عن كل هذا الخراب .. كل شىء مزعج ، وفى الوقت ذاته ، لا شىء يستحق أن أتحرك قيد أنمله فى محاولة تصحيحه .. الوضع عبثى بالكلية .. لا فائدة من أى شىء ..
وصباح الغد ، علىّ أن أرتدى ثيابا جذابة وابتسامة زائفة وأتوجه إلى عملى ، لأتجنب الحديث فى السياسة وأتملق هؤلاء الذين يرون فى فاتورة هاتف مرتفعة نهاية العالم .. أى جنون !
ريما .. أنا بدّى فِل ..
مساء الخير
أكتب إليك مساء الثامن عشر من آب - أغسطس
من حجرتى التى لم أغادرها منذ بداية اليوم ، يومى الذى بدأ فعليا فى تمام السادسة عصرا ..
استيقظت من النوم على دوىّ طلقات الرصاص القادم من جهة ألف مسكن ، وعلى التليفزيون كان السيسى يحاول تدراك الموقف وامتصاص الغضب الشعبى .. هذا رجل يعرف كيف يخاطب شعبا كشعبنا ، وأتصور أنه نجح بالفعل فى استقطاب من بدأت "إنسانيتهم" فى "النقح عليهم" ، لتخفت نغمات التنديد بالعسكر التى بدأت تتعالى مؤخرا ...
بالأمس ، كانت أمى مازالت مستمرة فى التشفى فى قتلى الإخوان ، وفى أبناء القيادات الذين بدأوا فى السقوط تباعا ..
- ماما
- نعم
رفعت اللاب توب فى وجهها
- دى أسماء البلتاجى ، بنت البلتاجى يا ماما .. ودى مش ارهابية ، ومتستاهلش إنها تتقتل
تلاشى غضبها تماما واكتست ملامحها بالحزن
- لا حول الله يا ربى .. شابة صغيرة زى دى ليه أهلها يرموها فى المرار ده بس .. منه لله اللى كان السبب ..
.
.
.
اليوم ، يمكننى القول أن موجة القتلى و الجثث المحترقة تراجعت ، وحلّت محلّها موجة المعتقلين جُزافا والتهم الملفقة ..
صحفيون وأطباء من المستشفى الميدانى ، تتناقلهم الأيدى ويُزج بهم فى السجون وتنقطع أخبارهم .. ثم تنتشر صورهم كالنار فى الهشيم على صفحات النشطاء ومنها إلى صفحات السلبيين أمثالنا ..
ها أنا ذا يا ريما ، أمضى ساعات الحظر فى بيتى ، منزعجة من صوت الطلقات وصور القتلى ، وسفالة الإعلاميين و غباء الإخوان وتوحش الشعب الذى يتزايد يوما بعد يوم .. وأحلام الوطن المثالى والحرية وتقبل الآخر التى تحلق مبتعده عن كل هذا الخراب .. كل شىء مزعج ، وفى الوقت ذاته ، لا شىء يستحق أن أتحرك قيد أنمله فى محاولة تصحيحه .. الوضع عبثى بالكلية .. لا فائدة من أى شىء ..
وصباح الغد ، علىّ أن أرتدى ثيابا جذابة وابتسامة زائفة وأتوجه إلى عملى ، لأتجنب الحديث فى السياسة وأتملق هؤلاء الذين يرون فى فاتورة هاتف مرتفعة نهاية العالم .. أى جنون !
ريما .. أنا بدّى فِل ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
قول ما بدالك