الثلاثاء، 16 ديسمبر 2014

عن الملحدين والمثليين والعياذ بالله


(1)
في العام 1964، كتب الأخوان رحباني وأخرجا مسرحية باسم "بياع الخواتم" من بطولة فيروز وشمس نصري، تلك المسرحية التي تحولت فيلم فيما بعد، والتي تحكي عن "مختار" ضيعة ما، الذي يقرر أن يكذب على أهل ضيعته ويوهمهم أن ضيعتهم "مستهدفة" من شخص ما اسمه راجح.. وهو شخصية وليدة خيال المختار، يستخدمها لإيهام أهل الضيعة أنه يحميهم من "خطر ما". وبالكثير من القصص الوهمية عن الكثير من البطولات الوهمية، تمكن المختار من إقناع أهل ضيعته أنه منقذهم الوحيد، وأنه الأفضل لمنصبه.

(2)
مثليين والعياذ بالله

في سبتمبر، ألقت الشرطة المصرية القبض على 9 أشخاص شاركوا في حفل زفاف للمثليين في مركب في النيل.. التهمة؟ تهمة الداخلية الأثيرة التي تستخدمها في القبض على أي شخص، ممارسة الفجور والتحريض على الفسق.
هل هناك قانونا يخص المثليين في الدستور؟ الإجابة لا، ولكن ممارسة الفجور تهمة مطاطة جدا، يمكن توجيهها لأي شخص، بداية من مراهقين قررا اختلاس قبلة في الشارع، وحتى شابين مثليين قررا إعلان زفافهما على مركب في النيل، وبالطبع هي الأنسب للمجموعة من المثليين في حمام شعبي.
هل ألقت الداخلية القبض على الشباب في أوضاع مخلة؟ لا، في الواقع ألقت الداخلية القبض على الشباب بعد انتشار فيديو الزفاف على مواقع التواصل الاجتماعي. طاردتهم - بعزيمة وإصرار يحسدوا عليه - وألقت القبض عليهم بعد الفرح ما انفض وانتشرت الحكاية..  فأي خطر يشكله زفاف شابين على أمن مصر القومي؟ وأي خطر يشكله شخص كل ما يجعله مختلفا هو أنه قرر استخدام "فتحات جسمه" بشكل مختلف؟
ومنذ أيام، قررت  "منى عراقي" أن تهاجم حماما شعبيا وتصور رواده عرايا كما ولدتهم أمهاتهم، في خبطة صحفية عظيمة - من وجهة نظرها المشوهة - تكشف عن أحد أوكار "الشذوذ" على حد وصفها الأول الذي تراجعت عنه بعد الهجوم الحاد الذي تعرضت له إثر "خبطتها الصحفية" الحمقاء، لتوضح أنها صورت حلقتها في إطار "مكافحة الآيدز" .. والنبي إيه؟
لم تكتف عراقي بدورها كصحفية، بل قررت أن تقوم بدور" مرشد البوليس" أيضا، فقامت بالإبلاغ عن الحمام، ثم قامت - وبكل سفالة الدنيا - بتصوير لحظات مداهمة الحمام.
للمرة الثانية نتساءل: ما الخطر الحقيقي الذي تشكله مجموعة من الناس قررت استخدام "فتحات أجسامهم الخاصة " بشكل مختلف عن الشكل الذي تستخدمين به "فتحاتك" سيدتي؟ وما علاقة ما فعلتيه بالتوعية عن الآيدز؟ وما مفهومك عن المهنية؟ حد فاهم حاجة؟
لدينا في مصر مستنقع من الممارسات الجنسية المؤذية التي هي أولى بالمطاردة والتتبع - إذا كنا لا محالة سنتتبع القضايا الجنسية لمغازلة الرأي العام -  بداية من التحرش الجنسي بالفتيات في الشارع  وزواج القاصرات، وحتى اغتصاب الأطفال والمعاقين، لدينا الكثير جدا من الخراء الذي يتخطى بكثير مجموعة من المثليين في حمام عام أو في مركب في النيل، خراء يمكن أن يبدو تنظيفه إنجازا يستحق الإشادة والاحتفال..

(3)
ملحدين وعبدة شيطان والعياذ بالله

في العام 1997، ألقت الداخلية القبض على نحو 90 شابا وفتاة في قضية عبدة الشيطان الشهيرة، التهمة؟ في الواقع لم تكن هناك تهمة محددة، هم فقط مختلفون بشكل مزعج، يسمعون موسيقى لا نفهمها ويتبنون أفكارا لا نستسيغها ويتحررون من قيودنا الأخلاقية المتوارثة.
بعد الكثير من "الهري" في قضية عبدة الشيطان التي كانت لبانة الرأي العام لفترة محترمة آنذاك، خرج المستشار هشام سرايا الذي باشر تحقيقات القضية ليؤكد أن مصر "مافيهاش عبدة شيطان" وإن دول مجرد "شوية عيال أغنيا بيقلدوا تقليد أعمى".
انتهت قضية عبدة الشيطان وإن ظلت ظلالها الكئيبة تلاحق من يمارس أي طقس من الطقوس التي استفاض الإعلام في وصفها آنذاك، هل تلعب/ تحب/ تستمع كثير إلى موسيقى الميتال؟ أنت من عبدة الشيطان إلى أن يثبت العكس.
هل لديك وشما غريبا أو حلق في مكان غير مألوف؟ أنت من عبدة الشيطان ولن يثبت العكس..
ربما لم يعد الاتهام بنفس الحماسة، إلا أن التهمة ستوجه لك من أقرب المقربين بمجرد أن تدير ظهرك، وهي مناسبة جدا لأي شخص يمارس شيئا لا نفهمه، ليبلغ التخلف منتهاه في إلصاق عبادة الشيطان بالإلحاد، وأهو أي حاجة تبدو فادحة ومجعلصة والسلام..
عبدة شيطان وملحدين؟ الاتنين؟ طب إزاي يا جدع؟
نسأل مجددا، ماذا يضير الحكومة لو عبد الشباب الشيطان أو الخفافيش أو دببة الكوالا؟
وماذا لو اختاروا ألا يعبدوا شيئا على الإطلاق وسابوهالكو مخضّرة؟
أي خطر تشكله مجموعة من الشباب الملحد أو اللاديني على أمن الوطن ليقوم رئيس حي عابدين بغلق مقهى "للملحدين" في شارع الفلكي؟ وأي إنجاز رآه محافظ القاهرة فيما حدث ليشيد بما فعله الرجل؟
هل هو أصلا مقهى للملحدين؟ هو في حاجة اسمها كده أصلا؟
هل هناك قانون في الدستور يعاقب الملحدين واللادينين؟ الإجابة لا..
هل سيؤدي غلق مقهى الملحدين للقضاء على ظاهرة الإلحاد؟ بالقطع لا..
للسخرية المريرة، يأتي هذا الإجراء بالتزامن مع تصريحات دار الإفتاء عن أن عدد الملحدين في مصر 866 شخص، لعلهم ظنوا أن عدد الملحدين في مصر يمثله رواد قهوة الملحدين.. وهكذا يبدو كل هذا العبث السيريالي مترابطا بعض الشىء.
وبعدين لما هما 866 نفر من 90 مليون بني آدم، فأي "صداع" يسببه هؤلاء للحكومة لتبدو مطاردتهم وتكديرعيشتهم أكتر ماهي متكدرة إنجازا يستحق الإشادة؟
صدقني يا سيدي المحافظ، ويا سيدي رئيس الحي، الملحد واللاديني أقل خطرا من فئات كثيرة تحمل فكرا إرهابيا وتدميريا، الملحد لديه حياة واحدة ولا ينوي إهدارها عليك أو على غيرك، ليس لديه جنه تنتظره في حياة أخرى يعتبر الجهاد أوسع أبوابها، ولا يرجو إلا أن يترك وشأنه.
(4)

إذا كان لابد من اختراع "راجح" جديد لضيعتنا السعيدة، فهناك الكثير من الفئات التي سيبدو الانتصار عليها - ولو وهميا - أفيد لنا ولكم، في النهاية، نحن نتشارك - بسبب صدفة عبثية حزينة لا راد  لها - هذا المربع البائس من العالم، على الأقل لو أحسنتم اختيار راجحكم، ستتخلصون يا أعزائي المخاتير من صداع الحقوقيين داخل الضيعة وخارجها، وستكفون أنفسكم وإيانا "تريقة" العالم وازدرائه.
مش كده ولا إيه؟

الأحد، 9 نوفمبر 2014

تجاعيد

بالأمس كنت أبكي، بكيت كثيرا، وأثناء بكائي كنت أتذكر تجاعيد عيني التي أراها كلما اقتربت من المرآة ما فيه الكفاية، 26 عاما وتجاعيد عيني تكاد تمد يدها مصافحة كلما رأت انعاكسي.. تذكرت تعليق الصديق الذي قابلته مؤخرا بعد غياب ثلاث سنوات "بس انتي شكلك كبر أوي" وردي المقتضب "3 سنين يكبّروا أي حد".
ربما حكيت لك مرة أنني أحب التجعيدة الوحيدة الموجودة في زاوية فمي اليمنى (أكانت اليمنى أم اليسرى؟) لأنها ظهرت بسبب ضحكتي المعوجة، كلما ازدادت تلك التجعيدة عمقا كلما ذكّرت نفسي أن كثيرا من الأوقات الطيبة مضت، وأنني ضحكت كثيرا، وأن الأمر يستحق البقاء.
وعلى الصعيد الآخر، فأنا أكره تجاعيد عينيّ الناتجة عن كثرة البكاء. أنا أبكي بسهولة كما تعلم، ولكنني لا أنخرط في البكاء إلا لسبب قوي، وعندها، أتداعى بالكامل، تدهمني الأفكار السيئة كعربة قطار مسرعة محملة بالديناميت، يرتج جسدي بالغضب وأنظر للنافذة، ولسبب ما يكون الانتحار أقرب من يدك في كل مرة.
كلما أرى تجاعيد عيني في المرآة أتذكر الكثير من المعارك الفاشلة، بيت أبي، الخذلان والفقد ولحظات الهشاشة والكثير جدا من المرارة والحمق والمثالية.
كنت أحب أن تبقى أنت بعيدا عن كل هذا، ألا أراك مع من أرى في تجاعيد عيني، وأن تكتفي بحفر اسمك في تجعيدة فمي بكل ما أوتيت من طاقة، ولكنك هناك، ذهبت وستبقى ولا سبيل لإرجاعك.
فقط لو لم ترحل بالأمس، لو كنت قبّلت جبهتي وقلت لي "أحبك" أو لم تقلها حتى.. لو كنت احتضنتني حتى ننام.. ربما كان هذا الصباح ليبدو مختلفا، كنت لأصنع لك صينية مكرونة بالبشاميل على الغداء بدلا من تلك التي احترق وجها، كنا لنتقاسم معا طبق ملوخية ساخن أو كأس فودكا، أو ربما كنت لأمضي اليوم بين ذراعيك بدلا من كتابة هذا الهراء.

أتعرف ما المشكلة؟ 
المشكلة أن سؤالا مثل:"كل ده كان ليه" واستدراكا مثل "أنا مش بعاتبك دلوقت أنا بدّي أقول ليه ليه دا يحصل" ليسا في أغنية واحدة.

الأربعاء، 29 أكتوبر 2014

غروب الحمامة الزرقاء

من فضلك شغل الأغنية أولا

لا أذكر الكثير عن ذلك اليوم، لا أذكر سوى أنه كان يوما جيدا، كنت أسير للبيت عائدة من العمل كما اعتدت أن أفعل تلك الأيام، خطوات خفيفة، أنفاس عميقة، وموسيقى لطيفة تدغدغ أذنيّ، وبجانبي تجري مياه النهر في هدوء ومن حولي تقف أشجاره الوارفات.. لحظة سكينة كاملة، ثم وجدتها.
لا يمكننا الجزم بالطبع هل كانت ذكرا أم أنثى، ولكنني أحب أن أراها أنثى، ريشات زرقاء ورمادية، ونظرات وديعة لقبلات الشمس الذهبية على جبين النهر.

تلقائيا أخرجت هاتفي لألتقط صورتها، ضغطت زر الكاميرا، وللحظة، كتمت أنفاسي، سكتت الموسيقى في أذني وسكت العالم، وتوقف كل شىء، وتفتت سَكينة المشهد لملايين من الأجزاء الصغيرة، طارت في الهواء، واستقرت في هاتفي.

الثلاثاء، 21 أكتوبر 2014

يوم جيد



بالأمس أنفقت 60 دولارا على البقالة
ركبت الحافلة للبيت، وحملت كلتا حقيبتيّ بذراعين قويين لشقتي الصغيرة وأعددت لنفسي عشاء.
ربما نختلف – أنا وأنت – حول مفهومنا عن اليوم الجيد.
هذا الأسبوع، سددت الإيجار وفاتورة بطاقة الائتمان، وعملت لـ60 ساعة ما بين وظيفتيّ،
لم أر الشمس سوى على أعقاب سجائري، ونمت كالصخرة.
نظفت أسناني صباحا، وأغلقت بابي ليلا،
وتذركت أن أشتري بعض البيض.
أمي فخورة بي،
ليس الفخر الذي قد تتباهى به في نادي الجولف بالطبع، فلن تجاري موضوعا مثل "ابنتي ذهبت لجامعة يال" بـ "وابنتي تذكرت شراء البيض"، ولكنها فخورة بي.
ترى، أنها تتذكر ما كان قبل هذا،
تلك الأسبايع التي نسيت فيها كيف يمكن أن أستخدم عضلاتي
كيف كان من الممكن أن أجلس صامتة كضباب ثقيل لأسابيع.
مع كل مكالمة من رقم غير معلوم، كانت تتوقع خبر انتحاري
تلك، كانت الأيام السيئة
كانت حياتي هدية أرغب في إرجاعها
وكان رأسي بيتا من الصنابير التالفة والمصابيح المحترقة
الاكتئاب حبيب وفي.
كل هذا الاهتمام، وتلك القدرة الفطرية على جعل كل شىء يدور حولك
كم يسهل نسيان أن غرفتك ليست هي العالم
وأن تلك الظلال الداكنة التي يرميها عليك الألم، لن تحسن من مزاجك
من السهل أن تستمر في تلك العلاقة المهلكة بدلا من إصلاح المشاكل التي نتجت عنها.
اليوم، نمت حتى العاشرة
نظفت كل ما أملك من أطباق
تشاجرت مع البنك، وأنهيت المعاملات الورقية
ربما اختلفنا – أنت وأنا – حول مفهومنا عن النضج
أنا لا أعمل بأجر، ولم أنهِ دراستي الجامعية
ولكنني لم أعد أتحدث باسم الآخرين
ولا أندم على ما لا أستطيع التكفير عنه بصدق
وأمي فخورة بي
حرقت بيتا من الاكتئاب
وأعدت طلاء جدرايات من الرمادي
وكان من الصعب أن أعيد كتابة حياتي لتصبح ما كنت أريدها عليه
ولكنني اليوم، أريد أن أحيا
لم يسل لعابي على سكين حامية
ولم أحقد على الفتى الذي ألقى نفسه من فوق جسر بروكلين
فقط نظفت حمامي
وأنهيت الغسيل
وهاتفت أخي
وقلت له " لقد كان يوما جيدا"
يوم جيد – كايت روكوفسكي

الاثنين، 20 أكتوبر 2014

Chitty Chitty Bang Bang


الفيلم دا من الأفلام القليلة اللي فهمتها وحبيتها وأنا طفلة، ولما اتفرجت عليه تاني دلوقت عرفت ليه كان طبيعي أحب الفيلم دا وطبيعي أي حد يحبه.
القصة:
مخترع فاشل وعنده طفلين بينجح أخيرا في تصليح عربية قديمة وتحويلها لحاجة فخيمة، بيطمع فيها إمبراطور شرير من بلد تانية وبيحاول يسرقها.
القصة لطيفة خالص، والخيال فيها مش أوفر، الخيط الفاصل بين الواقع والخيال - في الفيلم - واضح جدا، بس برضو مش بيفصل المشاهد، انت بتبقى عارف إن اللي بيحصل دا جزء من حدوته بيحكيها الأب لولاده ومش بتتضرر إطلاقا من ده وبتبقى عايز تكمل الحدوتة.
ولسبب ما الفيلم فكرني بقصة أليس في بلاد العجائب في النقطة دي بالتحديد، في أليس انت بتتوه شوية على ما تميز حقيقة القصة من خيالها، والتوهة بتخليك تركز في الفيلم/القصة ويتش إز حاجة حلوة، وهنا مفيش توهة والفيلم حلو برضو.
نيجي بأه لأكتر حاجتين مميزتين - بالنسبالي - في الفيلم، المناظر والمزيكا..
مناظر الفيلم مبهجة وتشرح القلب الحزين، يغلب عليها البراح، المطلوب يمكن عشان الاستعراضات.
اللوكيشنز أغلبها واسعة، سواء الـ outdoor حيث الخضرة والحقول المترامية الأطراف وبتاع، أو الـ indoor اللي معمول في حتت واسعة، قصر - مصنع، ورشة كبيييييييييراه، كده يعني.
البراح ده بيسيب في نفسك قدر مماثل من البراح، وبيخليك عايز تخلص الفيلم وتنزل تتفسح.
أما عن المزيكا، فالمزيكا عظيمة جدا، هتلزق في دماغك زي ما حصل معايا، وتلاقي نفسك بتدندنها وحيدا سعيدا، تراك تشيتي بانج بانج اترشح لأوسكار وجولدن جلوب وجرامي ومخدش أيا منهم للأسف ويتش إز ظلم وإجحاف من وجهة نظري المتواضعة.
أغاني الفيلم في المجمل لطيفة خالص، كمان أغنية Hushabay mountain وأغنية استعراض العروسة، مزيكتهم مميزة جدا، والاسعراضات نفسها حلوة ومبهجة.
الفيلم فيه طاقة إيجابية كتيرة، ويستحق وقت المشاهدة.

الأحد، 19 أكتوبر 2014

Some like it hot.. مارلين ولكن


بحب مارلين مونرو لأسباب كتيرة مش من ضمنها موهبتها المثيرة للجدل، البعض بيقول إن مارلين عروسة بلاستيك عملوها الأمريكان لأسباب مهتميتش أعرفها، والبعض بيتغنى بموهبتها المتميزة كمغنية وممثلة. بالنسبالي مارلين أيقونة إغراء وست ذكية، عرفت تستغل إمكانياتها كأنثى وموهبتها اللي ممكن نختلف عليها عشان تعمل حاجات كتير جدا، عاشت 36 سنة بس، وسابت إسم هيعيش قرون.
يمكن تاني سبب لحبي لمارلين بداياتها، الطفولة التعيسة، جدا، جدا بأه، اليتم والتنطيط بين الملاجىء والاغتصاب والجواز وهي بنت 16 سنة، حتى لو كان بمزاجها، بس فكرة إنها تتجوز وهي بنت 16 سنة مؤسفة بالنسبالي في حد ذاتها.
فيلم Some like it hot واحد من الأفلام اللي المفترض إنها سابت علامة في تاريخ مارلين في السينما، وخدت عنه جولدن جلوب أحسن ممثلة، بس الفيلم في رأيي أوفر ريتد.
الفيلم خفيف، كوميدي، والأغنيتين اللي غنتهم مارلين في الفيلم I wanna be loved by you و I'm through with love حلوين جدا، ومن أقرب أغانيها لقلبي، سواء الدلع والشقاوة اللي في الأولى أو كسرة النفس والغلب اللي في التانية، بس أداء مارلين مكانش واو يعني، مأبهرتنيش ومضايقتنيش في نفس الوقت، اللي بسطني فعلا بخفة دمه وأداؤه كان جاك ليمون.

جاك بيعمل دور عازف باص بيضطر يتنكر في دور واحدة ست هربا من المافيا، بعد ما كان شاهد بالصدفة على جريمة قتل من تدبير إحدى عصاباتها، والحلاوة الحقيقية كانت في تمثيله وهو ست، اللي ممكن جدا يفكرك زي ما حصل معايا بأداء عبد المنعم ابراهيم في "سكر هانم" لما كان عامل ست برضو، نفس التلقائية والخفة والإتقان لو جاز التعبير، أقصد اتقان تمثيل دور راجل بيمثل إنه واحدة ست، وإتقان تمثيل الست نفسها.
يمكن أكتر حاجة ضحكتني في الفيلم هي قفلته المتكروتة جدا إن جاز التعبير، جملة النهاية لما الراجل اللي كان معجب بـ "دافني" أو الست اللي كان بيمثلها جاك ليمون، كان مصر يتجوزها برغم إن جاك كان بيحاول ينهيه عن ده من غير ما يقوله حقيقة إنه راجل بكل الطرق الممكنة، وآخر ما زهق شال الباروكة وقاله "I'm a man " فرد عليه العريس "No body's perfect".
الفيلم لطيف بس ميتشافش مرتين، ومفتكرش هيسيب علامة في دماغ اللي هيشوفه، وبرضك مارلين في القلب.

الجمعة، 17 أكتوبر 2014

يالا نغني في المطر

دي كانت أول مرة أشوف فيلم Singing in the rain كاملا وأنا بالغة عاقلة واعية باللي بشوفه، الفيلم فيه حاجة مألوفة من أيام الطفولة، الأغنية نفسها يمكن من أيام برنامج "نادي السينما".
الكلام عن فيلم زي دا صعب فشخ على شخص زيي، يمكن الكلمة الوحيدة اللي بتيجي في بالي لوصف الفيلم "delightful".. ومش "مبهج" لأ، delightful.
الملاحظة الوحيدة اللي ممكن أسجلها عن الفيلم وهي ملاحظة شخصية بحتة، إن الحاجة اللي كانت مسيطرة عليا بوضوح طول الفيلم هي التشابه الغريب بين دونالد أوكونور ومنير  مراد.. مع ملامح وشه المرنة اللي بيغيرها كل ثانية لحاجة مختلفة، وسلاسة انتقاله من نبرة الجد لنبرة السف، بل واستخدام نبرة الجد في السف ويتش إز قمة السف أصلا، وطريقته في الحركة والرقص، كنت شايفة منير مراد بس على أشقر.
مجددا، الفيلم أحلى من إنه يتكتب عنه. أنصح بيه بشده لأي حد مزاجه معتدل/مايل للسوء.
هيظبط فشخ وهتحس إن الدنيا حلوة كده وعايز تشوف أفلام تاني من هذه النوعية.
ذاتس أول فوكس.

الخميس، 16 أكتوبر 2014

لماذا يجب أن نعشق فيلم "Funny girl" ؟

1- القصة.. كلنا -بطريقة أو بأخرى- فاني برايس:
في عيلة عادية جدا في حي يهودي متواضع/فقير/بائس جدا، كانت فاني برايس عايشة، حواليها أمها وجيرانها اللي كانوا مقتنعين تماما إن البنات المفروض تكون جميلة عشان تتجوز. خلص دور البنات عالأرض كده تماما، البنت المفروض تكون حلوة ومسمسمة ونغشة كده عشان تلاقيلها عريس حلو يتجوزها.
وفاني مكانتش الفيمنست الفشيخة اللي شايفة الجواز مش هدف الحياة الأسمى، ولا كانت بتغالط نفسها لحظة بشغل "حبي نفسك" و"أنا مزة أصلا" والجو ده. فاني كانت عارفة إنها مش جميلة - بغض النظر عن الكافر اللي قرر يطلع باربارا سترايسند في دور واحدة مش جميلة، مش فاهمة لو هي مش جميلة أمال إيه مفهوم أهلك عن الجمال بالظبط؟ - ومتصالحة مع ده، زي ماهي متصالحة مع أصلها الفقير من غير ما تعيش دور ليلى بنت الفقراء.. هي عارفة إن نقطة قوتها مش شكلها خالص، نقطة قوتها هي خفة روحها وموهبتها، وحبها الشديد جدا لخشبة المسرح.. 
وفي الوقت اللي كان كل اللي حواليها بيأكدولها إنها مدام مش جميلة مستحيل تبقى حاجة، كان الكلام بيتزحلق من على عقلها زي البيض ما بيتزحلق من عالطاسة التيفال بالظبط.. هي كانت مدركة موهبتها تماما، ومسلمالها نفسها تماما، واستقتالها ده اللي خلى فشلها التام كراقصة في عرض من العروض، هو بداية مستقبلها المهني كنجمة استعراضية كوميدية ومطربة.
الوعي والإدراك في رأيي كانوا أهم ما في شخصية فاني، يمكن أهم من موهبتها نفسها، إدراكها إيه اللي ممكن تعمله وإيه اللي مش ممكن تعمله، إيه اللي تقدر عليه وإيه اللي مقتدرش عليه.. الإدراك اللي خلاها تغير أغنيتها في عرض على واحد من أهم مسارح البلد وتعمله بطريقة كوميدية لأن الأغنية الأصلية بتغنيها بنت المفروض إنها بتتباهى بجمالها، وفاني مدركة إنها مش جميلة، ومش مقتنعة إنها ممكن تطلع تتغزل في نفسها قدام جمهور المسرح بحجة جمال صوتها أو موهبتها فبتنجح وبتكسر الدنيا، وبتحط شروطها لصاحب أكبر مسرح في المدينة، أنا اللي أختار أغانيّا، وانا اللي أختار النكتة اللي تضحك الناس معايا مش عليا.
وفي ليلة النجاح الساحق بتقابل الأمير الأسمر على الحصان الأبيض، عمر الشريف، اللي كانت مقتنعة من أول لحظة إنه كتير عليها.
ننط شوية في أحداث الفيلم، ونلاقيها زي أي بنت وقعت على بوزها وحبت، بتحط أي حاجة بعد الحب ده، وبتلاقي نفسها بتسيب اللي وراها واللي قدامها عشان تلحق حبيبها اللي كان بيسافر كتير، وزي أي بنت بسيطة جدا، بتفكر في الجواز من بعد ارتباطها بأسبوع، وبتلقائية شديدة بتطلب ده من المقامر اللي هي حبته، واللي عشان كان واقع على بوزه هو كمان، بيقرر إنه يتجوزها.
ننط حبة كمان ونشوفها زوجة وأم، وحاسة إن إنجازها كزوجة أكتر بكتير من إنجازها كنجمة مسرح، وجوزها المقامر لسه بيسافر وبيقامر وبيرجعلها كل فترة بلكشة فلوس محترمة.
الحياة ولا أروع، جيس وات؟ لسة اللي جاي أحلى، بتولد بنت جميلة بتحل عقدتها مع الجمال، وبترجع للأضواء تاني وبيلمع نجمها أكتر م الأول، والحياة بتزداد حلاوة وجمال لحد ما المقامر الشاطر بيفقد حظه وبيبدأ يخسر.
زي أي واحدة بتشوف في الأول إنها مفروض توفرله حب كتير وتسيبه يتعامل في مشاكله الخاصة بطريقته الخاصة، وزي أي واحدة برضو مبتعرفش تعمل ده كتير فبتحاول تتدخل وتساعده ماديا، وزي أي راجل بيرفض المساعدة دي،وبيبدأ منحنى السعادة ينزل ومنحنى الدراما يعلى والراجل بيتحبس سنتين، وبيطلب منها تفكر في الطلاق على ما يخرج لأنه مش عارف يجاري نجاحها، وكرامته كراجل ناقحة عليه ومش مخلياه عارف يعيش في دور ممثل تاني في مسرحية بطلتها المدام.
وفي النهاية بينفصلوا وبترجع للمسرح وتتفرغله تماما كسيرة الفؤاد مهيضة الجناح وأي حاجة على زون فعيلة الفعال.
في القصة دي، كل بنت هتتفرج عالفيلم هتشوف لمحة من نفسها، اللي أهلها كانوا دايما بيحسسوها إنها أقل من أحلامها، واللي عارفة إنها مش جميلة بس بتعافر عشان موهبتها تعالج الأزمة دي، واللي بتحب فتقع على بوزها وتسيب الدنيا عشان اللي بتحبه، واللي مع كل نجاحها في شغلها بتحلم تبقى زوجة وأم، واللي وقفت مع راجلها لما وقع لينتهي بها الحال بتاخد على قفاها وتتساب لأنها ناجحة.
2- باربرا سترايسند Vs فاني برايس
نفس عميق .. شهيق
هووووووف
زفير
طيب، باربرا من النجمات اللي بيمثلولي أيقونات جمالية خالدة، ومن الناس اللي بقعد أدور على صورهم وأجمعها على بينترست وكدهون، وباربرا لما عملت فاني، وكونها قدرت تطلع في دور واحدة مش جميلة ومتصالحة مع ده وتسف على مناخيرها ورجليها الرفيعة، وتواجه الموضوع كله بالكثير جدا من السف، والغنا والرقص.. الموضوع يفوق احتمال أي حد.. تو ماتش حلاوة يعني.. إيه يا شيخة؟ إيه يا شيخة بأه يا شيخة؟
ملامح وشها الوديعة جدا، وأداءها اللي تحس إنها مبتبذلش أدنى مجهود في الوصول ليه، الشخصية لابساها تماما.. تحس إنها لما الكاميرا تطفي واللوكيشن يفضى وتروح بيتها بتتعامل كده مع الناس فعلا.. وإن فاني برايس هي الوش الحقيقي لباربرا سترايسند.
حركة جسمها وملامحها، تون الصوت اللي بتغني بيه أغاني الفيلم بحسب حالة كل أغنية، واللي بتقول بيه جملها في الحوار.. مذهلة.
3- عمر الشريف
في وسط كل الطاقة اللي طالعة من باربرا في الفيلم، صعب إنك تلاحظ عمر الشريف أصلا، أداؤه خافت جدا قدامها.. الست كانت حاطة عليه حاطة وحشة يعني، اللهم إلا المشهد اللي كان بيغنيلها فيها you are a woman I'm a man، واللي كان في رأيي ألطف ظهور لعمر في الفيلم كله.

4- الأغاني.

من أول أغنية في الفيلم، الروح الخفيفة اللي بتغني بيه أغنية البداية، واللي بتزداد خفة في الاستعراضات، وأداءها المتميز جدا لأطرف معالجة شفتها لباليه بحيرة البجع، واللي بتجمع فيه فاني/باربرا بين رقص الباليه والغنا والساركازم في عرض واحد حتى لتكاد الشاشة تنفجر من فرط الحلاوة.

أغنية don't rain on my parade أو ما يوازي "خليكو في حال أهاليكو بأه"

 واللي كانت بتغنيها لما حاولوا يمنعوها من إنها تسيب العرض وتسافر لعمر الشريف أو "نيك آرنستين" كلمات الأغنية اللي بتعكس الإدراك اللي كنا بنقول عليه في شخصية فاني، أنا عارفة إن الدنيا ممكن تطربق على دماغي بس محدش ليه فيه، أنا مدركة إن ممكن النهايات تبقى مأسوية بس اللي بيشيل قربة مخرومة مبتخرش غير على قفاه.. الطاقة اللي بتغني بيها، الثقة والبهجة والتحدي والقوة اللي في صوتها والشقاوة اللي ف ملامح وشها، ذاتس وات آي كول بيرفكشن ليديز آند جنتلمن.

أغنية Sadie Sadie married lady، 

البنوتة الشقية اللي عمالة تتنطط من أول الفيلم زي الكورة الشراب، بتستسلم لحلم الجواز والبيت والخاتم والنونو، ,وإن كانت محتفظة بعقدتها إن العريس كان أحلى من العروسة، بس كله بيدوب في حالة البهجة العظيمة اللي هي فيها.

وطبعا، وأكيد وحتما أغنية الفينال ..
عبقرية باربرا كممثلة ومطربة وأي حاجة تانية في الدنيا بتطلع كاملة غير منقوصة في الأغنية دي، كانت لسة متفقة عالطلاق مع عمر الشريف قبل ما تطلع المسرح بخمس دقايق، التوهة اللي في نظراتها وهي بتغني لأول وهلة، نفس التوهة في نظرات واحدة لسة مكتشفة حالا إنها ودعت حب حياتها وحاسة رجليها في الهوا، الدموع، الصوت الواطي اللي بيعلا بالتدريج.. إحساسها بالكلام، إحساسها بالكلام، إحساسها بالكلام ياخوانا ياخوانا ياخوانا.

5- الألوان والأزياء
ديكور الفيلم مبهج، معظم الأحداث بتدور بين المسارح وكواليس المسارح وبيت/قصر عمر وباربرا، جو عام من الفخامة مسيطر عالصورة، مريحة بصريا ومذهلة في نفس الوقت، ألوان مبهجة وناعمة، لو فقت من نشوة تمثيل باربرا وصوتها ممكن تتفرج عالفيلم تاني عشان تستمتع بالألوان مش أكتر.

6- ماستر سينز وفيفورت كوتس وأشياء من هذا القبيل: 
1- لما بتطلع ترد عالصحفيين وهي بلبس الاستعراض في دور طفلة، وبترد على كل سؤال من أسئلتهم اللزجة بنكتة أو إفيه بسرعة بديهة مش منطقية، وعلى وشها ابتسامة عريضة جدا، وبتيجي عند اللي سألها "آنسة برايس، لسه بتحبيه؟" فبتكشمله فشخ وتقوله " إسمي مدام آرنستين"، ومبتردش عالسؤال وبتجري وتسيبهم.
2- لما بتقابل عمر الشريف عالمحطة بعد انقطاع سنة تقريبا، وبيطلب منها معاد، وبيقولها هستناكي، فبتقوله "مفيش قانون يمنع ده، الناس بتستنى طول الوقت"
3- في أول الفيلم خالص لما بتدخل المسرح وتقف قدام المراية، وتقول لنفسها " hey gorgeous"
وبعدها بكام ثانية لما بتقف عالمسرح الفاضي وتقتل الجمهور الوهمي ببندقية وهمية، في إشارة لإن ملعون أبو النجاح اللي خد مني حب حياتي.
4- وهي بتودع عمر الشريف وهو رايح السجن في المحكمة، وفي آخر المشهد الجد جدا، بتنط نطتها الاستعراضية المميزة عشان تكسر حدة المشهد النكد.
5- أمها لما كانت عارفة إنه بيغرق في الديون وقالتلها "حبيه أقل وساعديه أكتر"

الفيلم حلو، شوفوه، وشوفوه تاني، واحتفطو بيه في قائمة أفلامكو المفضلة.

الثلاثاء، 14 أكتوبر 2014

تحدي الـ50 فيلم

تحداني الملل إني أتفرج على 5 أفلام يوميا، وأكتب عن كل فيلم ما لا يقل عن 15 سطر، وأنا قبلت التحدي..
المدة الزمنية: 10 أيام قابلة للتجديد
الشروط: ممكن تكون أفلام شوفتها قبل كده، بس لازم عالأقل يكون في فيلمين جداد يوميا
الهدف: إني منتحرش م الزهق مثلا؟
تاريخ البدء: النهارده، 14-10-2014 (تحسه تاريخ حلو كده وفيه حاجة مثيرة للقرارات والتحديات والبلح الأمهات)
تاريخ الانتهاء: 20-10-2014
علوقية فاكتور: مش شرط أكتب عن الخمس أفلام كلهم كلهم يعني
والله المستعان
عالبركة
* مستوحاة من حوار الـ13 فيلم ف 48 ساعة بتاع حويت *

الأحد، 10 أغسطس 2014

انفصال



أنا بخير طالما كنت في المكتب أو على المقهى أو لدى أحد الأصدقاء، ولكن لسبب ما أضحت الطرق الطويلة تثير لدي رغبة في البكاء، أسيطر عليها حتى تضمني جدران غرفتي فتسيطر عليّ .. أتأمل العبارات على الجدران وأبكي، أربت عنق القطة وأبكي، أدخِّن وأبكي، أستمع إلى الموسيقى وأبكي، أشكو بثي وحزني لأحمد وأبكي.
حتى السهرات المعتادة صارت عبئا..التجمعات الكبيرة، الأغنيات، الهاتف، الاستيقاظ من النوم والعودة إلى النوم وأعمال البيت والذهاب والعودة والقرارت اليومية الصغيرة التي يجب اتخاذها كل لحظة.. كيف يمكن لوزن هذا كلّه أن يتضاعف خلال يومين لا أكثر؟
أنا لا أريد أن "أحيا" هذه الأيام. لا رغبة لديّ ولا طاقة والموضوع يبدو لسبب ما أصعب مما ينبغي. منذ متى أصبح البقاء مرهقا إلى هذا الحد؟
أنا "زعلانة" منك.. قلت لك هذا من قبل وأكرره.. أنت لا تفهم ما تعنيه "زعلانة" .. لست حزينة أو غاضبة، هو شىء مثل الأسيد ينخر قلبي تجاهك، لا أجد له اسما إلا "زع ل". حاد مخترق كأزيز الزاي في بداية الكلمة ، موجع كتردد صوت العين في جنبات الصدر، عاجز تماما مثل سكون اللام في نهاية الكلمة.
أنا زعلانةُُ جدا منك يا يوسف.
كل دا كان ليه؟

الخميس، 29 مايو 2014

إني منيح


" كلّما نظر الأوغاد بعيدا، اسرقي من حديقتهم ورده
أنت طيّبة كوردة بيضاء
وهذه الوردات الطيّبات أزرعها من أجلك فقط "
قال البستاني العجوز بيديه المرتعشتين و عينه الوحيده النصف مغلقة
ودون كلمته واحدة

********

كنت أشعر بها تَخِزني في كتفي منذ أيام،
كنت أظنها شوكة صغيرة
ولكنّي حين انتزعتها بعد عناء وجدتها شعرة غريبة الشكل ، أقرب ما تكون لريشة سوداء صغيرة
" لقد نبتت لي أجنحة يا يوسف "
قلت له، ولكنّه لم يصدقني
كيف يفعل و قد انتزع من كتفي الآخر للتو شوكة أخرى صغيرة لا تشبه الريشة كثيرا؟
يا يوسف
انت لا ترى
كيف ترعبني قصة الباليرينا الساذجة التي حوّلها الغضب لبجعة سوداء، وقتلها
لا ترى
كيف ترعبني ريشاتي السوداء التي لم تنبت بعد

****

" تغمغين كثيرا أثناء نومك وتنتفضين بقوة أحيانا "
يقول يوسف في الصباح
" وماذا أقول؟ " أسأله
" أشياء ليست مفهومة تماما .. أنتِ بخير يا حُلوة؟"
" نعم" أجيب " ربما عاودني حلم الغرق من آن لآخر
بعد أن تحققت رؤيا العراك والهرب
وربما وبّختني أمي على ثيابي المبعثرة بطول الغرفة وعرضها
في حلم آخر
ولكني بخير حقا "

الجمعة، 23 مايو 2014

The great wall of despair

على يسار فِراشي، أمام باب الشرفة مباشرة بحيث يستقبل ضوء الشمس قبل ما عداه في الحجرة ويكون آخر ما يقع عليه نظري قبل النوم، وجدت عبارة " ليل الغريب ضلمة " مكانها عليه، وبعدها توالت العبارات تباعا ..
" أدخلنا في عمق التجربة واهتم بشؤونك الخاصّة " بانجليزيّة فجّة مُحَمّلة بغضب لا يمكن أن تضمره إلا لله، تتبعها "خصومة قلبي مع الله ليس سواه"،
ثم السؤال الأزلي العبثي مبتور الجواب أبدا " كل ده كان ليه؟"
ثم " هذا الوقت سيمر"، بشارة الأوقات العصيبة ونذير الأوقات الطيّبة،
ومثيلتها " قد كان هذا كلّه من قبل واجتزنا به"
وتنويه عابر بأن " العمر طَوِّل والسعادة قَلِيلَة "
وفوق كل هذا، وقبل كل هذا، كلمات يوسف الحانيات تربت جبهة الجدار وتكلل عاليه :  "ودليل الحب عمايل، وكلام الحب قليل" ، "إن يشا شئت وإن شئت يشا" و "اتجاهك اتجاهي مشينا ليه".


الأحد، 13 أبريل 2014

في الليل لما خلي

أنفاس شخص آخر في الغرفة، تقطع الصمت وتختبيء من ضوء ضعيف آتٍ من الشمعة الصغيرة الموضوعة على الأرض، تماما أسفل مكان بعينه على الجدار الذي كتبت عليه ذات صباح بائس" ليل الغريب ضلمة " .
لا يوجد في الغرفة سواي، وحدي أنا داخل حيّز الصمت، وخارجه، أنين البناية مع مرور شاحنة ضخمة في الشارع الهادئ، درّاجة بخارية مسرعة يعتليها عامل توصيل يحمل وجبة متأخرة لوحيد آخر يسكن في بناية مجاورة .. مشاجرات الفئران اليومية في المنور حول شىء ما - لابد أنه مهم للغاية .. صوت جارٍ خرج إلى الشرفة ليجري مكالمة متأخرة .. خطوات أحمد - أو هكذا أتمنى - بالخارج متجّها إلى - عائدا من المطبخ/الحمام .. طقطقة شرارة صغيرة في الشمعة الآخذة في التضاؤل، مفتاح كهرباء يضاء في شقّة الجار المقابل، ريح خفيفة تتسلل عبر خشب النافذة المغطى بالغبار .. صخب الجمادات الرافضة تماما الاستسلام لفكرة المساء ..
لو أن الجدران تكتسي بالأصوات كما تكتسي النوافذ بالغبار، ربما، أفلتت من كل هذا الصمت/الصخب ضحكة عابرة.

الثلاثاء، 8 أبريل 2014

متفرقات

*طُرُق*
أعدّل من وضع حقيبة الكتف السوداء الضخمة التي تضم اللاب توب الصغير وبعض أوراق الطلبة التى تم/تنتظر تصحيحها، أرفع خصلات شعري التي تتشابك - شأنها دوما - مع  أذرع الحقائب، وأمضي بخطوات واسعة باتجّاه محطّة المترو القريبة.
ألاحظ أنني استغرق فى طريق الذهاب نصف الوقت الذي أستغرقه فى العودة من ذات الطريق .. كتب درويش يوما عن تباطؤ الناس في الذهاب إلى شغلهم وسرعتهم فى الرجوع إلى بيوتهم .. حسنا .. كم كان مخطئا.
أفكّر في أن طريق العودة كان بالنبسة إليّ - دوما - أطول كثيرا من طريق الذهاب .. أحصي نجاحاتي الصغيرة وأجدها مقترنة دوما بالرحيل/ التخلّي/ المضي قدما .. التخلّي عن البالطو الأبيض، التخلّي عن فودافون .. التخلّي عن البيت وعن الحجاب وعن الكثير مما لا يتسع المجال لذكره .. لابد أن هذا يعكس خلل ما ولكن لا وقت لدىّ للتحليل ولا مزاج .. فأنا كعادتي متأخرة وأمامي يوم عمل طويل.

*restless*
كلّما رأيت إحدى الألعاب المنتشرة على غرار " صف نفسك بكلمة واحدة " تتبادر تلك الكلمة إلى ذهني .. restless .. في سياقات بعينها تدل على النشاط المُفرط والحيوية .. ولكن ليس في سياقي الخاص .. ربما كان المعني الأقرب لكونك resltess عندي هو الجزع .. يقول حدّاد * قولوا للقلقان ميقلقشي* .. وأقول مش بالقوالة يا حدّاد.

* life for rent *
الأغنية دي بحبها من أيام ثانوي .. وفضلت طول فترة الجامعة معايا .. ودلوقت مفيش حاجة ممكن توصف وضعي بشكل أنسب.

الأربعاء، 12 مارس 2014

دوشة كتير

الكتابة عن اللي بيحصل اليومين دول - بشكل لائق - مش هتكون دلوقت أبدا، من ناحية عشان في ناس كتير لازم استفيض في الكتابة عن دورهم وده مش مناسب دلوقت، ومن ناحية عشان تفاصيل الصورة تكون أكثر اكتمالا، بعد ما يهدا زخم الأحداث وتروح الدوشة اللي حواليها وتوضح التفاصيل الجديرة بالتدوين.
أول امبارح، بُعيد منتصف الليل، كانت الدنيا بتمطر جامد بره إزاز الكافيه اللي كنت قاعده فيه مع صديق، واحد من الناس اللي مش هينفع اتكلم عنها تفصيلا دلوقت. وأدركت ساعتها إن دي ممكن تكون آخر مطرة فى 2014، وإنها كمان أول مرة تمطر عليا بعد نص الليل برّه البيت، زي ما قبلها بكام يوم كانت أول مرة فى حياتي أمشي سايبة شعري تماما من غير لا طرحة ولا توكة ولا أى حاجة فى الشارع واحس بالهوا بيطيّره - ودا إحساس فشيخ بالمناسبة - وقبلها بأسبوع كانت أول مرة أحضر مولد الحسين في حياتي .
حاجات كتير بتحصل مؤخرا، متأخرة عن معادها الطبيعي بكذا سنة، حاجات مش منطقي إن في سنّي ده تكون تجربتي الأولى معاها دلوقت.
" ونحن لم نحلُم بأكثر من حياة كالحياة "
الجملة دي بتطاردني مؤخرا، بحاول أدوّر عالإنجاز فى إني أتأخر بره البيت شويتين تلاتة أو إني أمشي فى الشارع سايبة شعري أو أروح المولد، مبلاقيش، وبحس بالعبط إني بتعامل مع حاجات بالبساطة دي على إنها انتصارات .
أحيانا بقول بالنظر للواقع اللي أنا عايشاه والمجتمع اللي حواليا والمجهود اللي اتبذل عشان نوصل للحاجات دي طبيعي تُعتبر انتصارات، وارجع واقول لأ، دي مش انتصارات.. دي خيبة بالويبة .. خيبة إن أنا ببذل مجهود وبفرهد نفسي للوصول لبديهيات المفروض إنها تكون متاحة by default لأى حد مكاني وفي سنّي وتعليمي ومهاراتي، في حين إني المفروض أبذل المجهود دا في تأسيس كارير أو في إني أتعلم حاجة جديدة، أو في حاجة من حاجات الكُبار دي.

أنا عاملة زي اللي جه الفصل متأخر بعد ما الدرس اتشرح والناس كلّها لمت شنطها وماشيين، وبيحاول يسأل "انتو خدتو إيه قبل ماجي؟ "، وما بين ناس بتلومه على إنّه جه متأخر من غير ما يعرفوا اتأخر ليه، وناس شايفه إن سؤاله مالوش لزمه، وناس بتحاول تشرحله مُلخص الحصة التلات ساعات في دقيقتين، هو فعليا تايه.

الجمعة، 17 يناير 2014

ال recommendoma نمط حياة

ال recommendoma مصطلح طبي، يُقصد به ما يحدث من تعقيدات طبيّة خطيرة فى حالات بسيطة، فقط لكون المريض محل توصية.
كلّنا - كأطبّاء - مررنا بحالات مماثلة بشكل أو بآخر، عندما يكون المريض أحد أقاربك أو صديق عزيز، أو حالة تابعة لأحد زملائك، فلابد أن تتعقد الحالة مهما كانت بساطتها لتتركك كالأحمق فى نظر نفسك قبل مريضك. ولهذا ،فقد كان هاجس ال recommendoma هو السبب الأساسي فى عزوفي عن معالجة أسنان أبي - إضافة إلى تأخر حالة أسنانه ودرامية تبعات فشل العلاج لو حدث - أو أمي أو أيا من إخوتي.

بعد انتهاء علاقتي الآثمة بطب الأسنان، بدأت استيعاب عدم اقتصار ظاهرة الrecommendoma على التدخل الطبي فى حيوات الآخرين، الأمر يكاد يُصبح قاعدة قابلة للتعميم، كلّما كان الأمر مُهما وحرجا كلما تضاعفت احتمالات تعقّدُه وفشله.
السترة المفضلة لديك هي أيضا المفضلة لكل المسامير والزوائد الحادة وأعقاب السجائر التي تمر بها يوميّا .. الأيام التي تتعجل فيها الوصول هي أكثر الأيام ازدحاما وأقلّها فى فرص العثور على مواصلة مناسبة، العلاقات الأهم هي الأكثر وَهَنا والأقل استقرارا، والأكثر عرضة للانتهاء نهايات درامية فاجعة. والتزاماتك المادية تتضاعف تلقائيا فى الفترات التي يقل فيها دخلك - هذا إذا كنت محظوظا بالقدر الكافي فلم تفقد عملك.

الأمر يمكن تفسيره بشيئين، أولهما - وهو منطقي نوعا - الارتباك، الارتباك المضاعف أثناء معالجة شخص مهم كافٍ لجعلك ترتكب أخطاء سيتحاشاها أكثر المبتدئين حُمقا. الارتباك الزائد فى التعامل مع شىء أو موقف بعينه يُخرج الأحمق الكامن بداخلك فتزداد الأمور تعقيدا. أما الثاني - وهو ما أعتقد فيه شخصيا - هو الحتمية.. الأمر يشبه لعنة ما لا يمكن تحاشيها، والأسوأ أن تأثيرها - مثل كل اللعنات - يتناسب طرديا مع إيمانك بها.

لفترة لا بأس بها، كنت أظنها مسألة شخصية، أنا إنسانة منحوسة وهذا كل ما في الأمر، ولكن، بنظرة بسيطة للحال العام، لاحظت مدى تحقق النظرية على كل شىء، وعلى هذا، فلم تكن تداعيات ثورة يناير، ذلك المستنقع الذى نغرق فيه من قرابة الأربعة أعوام، سوى حالة ريكومندوما واسعة المدى، ريكومندوما قومية إن جاز التعبير.. فالأمور تزداد سوءا مع كل خطوة، يتناسب مدى سوءها مع أهمية الحدث والمرحلة، فتجد من الطبيعي أن يكون أول حكم بعد الثورة هو حكم العسكر، ومن المنطقي أن يكون أول رئيس مدني منتخب هو أحمق القرية "مرسي العيّاط" ، ومن البديهي أن يكون البرلمان الأول بهذا السوء، وواسطة العقد، الانقلاب الأول على أول رئيس مدني منتخب ينتهي إلى تلك النهاية التي نعيشها حاليا، والتي فاقت الأساطير الإغريقية في التراجيديا واللامنطقية.

الحل؟ لا حل هنالك، شخصيا كنت أتفادى المرضى المُوصّى عليهم حتى تركت المجال تماما، وكنت أتعامل مع الأشياء - كل الأشياء - بلامبالاة من يخشى الفقد فيتجنب الامتلاك، وكان ربنا بيسترها، ربما لو تعامل الجميع بذات اللامبالاة مع واقعنا العبثي لتحسنت الأمور قليلا، وربما انكسرت لعنة الريكومندوما .

الاثنين، 13 يناير 2014

لا تفسدوهن يا أناندا، لا تشوّهوهن يا أناندا

الكتيب الأول : أسطورة آكل البشر
المكان : مدرسة أبوزهرة الإسلامية - أحد فصول المرحلة الابتدائية 
الزمان : على الأرجح كنّا فى الصف الخامس الابتدائى - على الأرجح كانت حصة دراسات اجتماعية ..

فى اعتقادى الشخصي، ومن خلال متابعة المقالات المتعلقة بالموضوع وتعليقات المُهتمين، كانت البدايات متشابهة إلى درجة مثيرة، باختلاف طفيف فى الأعداد والأماكن ، جميعا تعرفنا إلى هذه السلسلة فى بدايات المراهقة، كلّنا تداولناها بحرص فى الحصص المملة وفى ليالي المذاكرة المرهقة .. كلّنا تشربناها بذات الشغف، وكلّنا تساءلنا فى مرحلة ما "هل دكتور رفعت شخصية حقيقية؟" وتابعنا فى حيرة إجابة د.أحمد خالد توفيق المُبهمة عن عدم جدوى التساؤل، وإفساده للمتعة، وتوصلّنا للحقيقة تدريجيا وتقبلناها.

مضت السنوات فى مصر-أخشى- من سىء إلى أسوأ، العالم كما كنّا نعرفه -عن جيل الثمانينات أتحدّث- يتلاشى تماما، للدقة هو يخضع لعملية تشويه ، يتسارع ايقاعها يوما بعد الآخر وتزداد حدّتها، ويمكننا القول أن نبأ "موت رفعت اسماعيل" كان فاجعة جديدة تضاف لهذا كلّه ..ربما هذا ما يقوله د.خالد لنفسه وهو يغتال أحب شخصياته إلى قلبه على الورق، ببساطة، أردتم كهلا حقيقيا يروى قصص الرعب، وكان لكن ما أردتم، خمنوا ماذا؟ الكهول يموتون.. هذا ما يفعلونه عادة.. لا شىء من هذا يخيف ولا مفاجأة هنالك*. وهاهى قضمة كبيرة من مراهقة الجميع تتلاشى، صدع جديد فى المساحة الضيقة المتبقية من أرضية مشتركة كنّا نقف عليها يوما يتركنا أكثر تباعدا .. والآن ماذا؟

رحل رفعت ، مخلّفا كنزا مما يمكن تصنيفه فى اعتقاي الشخصي كأفضل ما كُتب فى أدب الرعب بالعربية، إرث مغرٍ للغاية، تركة خصبة يمكن إعادة تدويرها فى أعمال - سينمائية أو تليفزيونية أو إذاعية حتى - ستستفيد بالضرورة من النجاح الذى حققته تلك الكتيبات المصفرة الأوراق سابقا، وقاعدتها الجماهيرية العريضة ويتحوّل كل هذا إلى بيزنس.

حبّا بالله، فلندع العجوز يرقد فى سلام، فبعيدا عن فشل التجربة فى العموم - عن تجربة تحويل الرويات لأعمال مرئية نتحدث - أو انتهائها على أحسن الفروض لنتائج هى أقل جودة من العمل الأصلي، رفعت اسماعيل كائن ورقي بحت، إذا حاولت انتزاعه من كتيبات أحمد خالد توفيق الصغيرة، سيتشوّه تماما .. دعك من أن تحويل الخيال لواقع غالبا ما يكون مٌخيبا للآمآل، فلا أعتقد أن د.خالد قد ترك لنا الكثير لنرسمه بخيالنا، لقد راعى الرجل وصف التفاصيل الدقيقة، بحيث لم يعد ثمّ مجال للاختلاف فى تصور العجوز العصبى الذى يشبه عصا المكنسة الصلعاء، ويدخن كقاطرة، ويحتفظ بعلبة أقراص النيتروجلسرين فى جيب حلّته الكحلية التى تجعله فاتنا.. لكن خروج رفعت للحياة فى عمل مرئى هو امتهان لشخصية لا ينبغى امتهانها، لا يمكن لأيا كان أن يؤدى رفعت، رفعت لا يؤديه إلا رفعت نفسه، وكفى.

هذا، بخلاف حسابات مواقع التواصل الاجتماعى التى تضاعفت خلال يومين بعد انتشار خبر موته، حسابات تحمل اسم رفعت وماجى وميدوسا، وقريبا عزّت وهن تشو كان والبقية، كل هذا بدا لوهلة طريفا، فعلى الصفحة المعنية بتنظيم حفل تأبين رفعت -بالمناسبة فكرة الصفحة بحد ذاتها لطيفة للغاية، التواجد هناك مٌريح فى حد ذاته - كان طريفا أن تجد تساؤلا من حساب باسم رفعت اسماعيل عمّا يحدث هنا، وتوبيخا من حساب آخر باسم ماجي ماكيلوب عن أنه مات دون أن يعلمها، كل هذا لطيف ومطمئن طالما استمد وجوده من تلك الوريقات المصفرة، طالما التزم القائمون على تلك الصفحات بقواعد اللعبة، طالما استمدوا عباراتهم اللطيفة من الكتيبات الصغيرة ، لكن الخوف كل الخوف من فكرة ال abuse الذى هو نمط حياة مصري خالص، سرعان ما ستجد مئات الحسابات باسم رفعت اسماعيل، وماجى والآخرين، ربما سيبدأ أحدها فى تبني موقف سياسي بعينه، أو إلقاء نكات سخيفة، و ربما يتجه أحدها لاجتذاب المتابعين بأغراض التعارف الشخصي .. أنت فى مصر يا عزيزى، حيث التشويه دستور الأشياء ..

لهذا، والنداء إلى من يهمّه الأمر وأحسبنا كثيرون، دعنا لا نبتذل تلك الكتيبات الصغيرة التى شكلت مراهقتنا وشبابنا، لا تفسدوهن يا أناندا .. لا تشوهوهن يا أناندا .. "اتركوا لي ما تبقى مني" أو كما قال .

* من قصيدة أمر طبيعي لتميم البرغوثي.


الخميس، 9 يناير 2014

عن الأب المثالي


لابد أن تقع فى غرامه من أول نظره، ملابسه الداخلية الممزقة التي يرتديها تحت البدلة فى زفاف ابنته، بيجامته المخططة الكلاسيكية جدا، وقلنسوته التى يظهر بها فى البيت، والتى تجعل من الصعب أن تأخذه على محمل الجد أحيانا، تفاصيل تدخل قلبك مباشرة تستقر هناك، واضعة مقاييسا جديدة عن الأب المثالي.

عن عبد المنعم مدبولي فى فيلم الحفيد أو "الأستاذ حسين" نتحدث ..

هو الرجل الذي يفضل معظم الوقت الحياة على الهامش ، متعاميا عما قد يمثل مصدر إزعاج مُحتمل، تراه طوال الأحداث جالسا فى الصالة أو فى حجرته ومن حوله صخب الزوجة - التى هي على النقيض تماما منه، مصدر إزعاج وطرف فاعل فى جميع المشاجرات المنزلية - والأبناء، متجاهلا كل هذا منهمكا فى جريدة ما أو فى "لضم" خيط فى إبرة لرتق أحد جواربه .. غير مُهتم حتى بمعرفة ما يدور من حوله ، وفى معظم الأحيان يتم الزج به فى الأحداث دون رغبة منه.

تنتهي لا مُبالاة "حسين" تلقائيا عندما يتعلق الأمر بدوره كعائل ورب أسرة، وبالرغم من تبرّمه المستمر مما يجده - من وجهة نظره الشخصية - غير ضروري بالمرة من طلبات الزوجة والأبناء، إلا أنّه لا يُقصّر مطلقا فى توفير أيا من تلك الطلبات، متكبدا فى ذلك ما يفوق إمكانياته المحدودة كموظف بسيط معظم الوقت..

تجده بالرغم من حرصه العام على عدم التورط فيما لا يعنيه، واعترافه بأن " ماما هى اللي مسؤولة عن البيت ده "، جالسا إلى السفرة مساء لمساعدة الصغار على المُذاكرة دون تبرّم، بالرغم من سنّه المتقدمة - فهو أب وجد - وكثرة أعبائه فى العموم.
وتجده بذات الأريحية، جالسا مع الجميع لمتابعة فيلم كرتون، باندهاش طفولي لا يقل عن اندهاش أصغر أطفاله سنّا.

 وهو - كما قد يصنّفه البعض - ليس تربويا بالدرجة الأولى، ولكنّه يعلم على وجه الدقة متى ينبغي له التراجع، وإفساح مجال لحيوات أبنائه، واعيا تماما لحقيقة يجدها معظم الآباء مزعجة فيتجاهلونها عمدا، وهي أن تلك الحيوات مُختلفة بالضرورة عن حياته، وأن هذا، إضافة لحتميته، فى الصالح العام.

سيعاكس صديقة ابنه الجميلة ويحاول لفت نظرها، ولكن دون انحطاط، سيعترف بجمالها لنفسه وسيقارنها بزوجته المترهلة، ولكن دون أن يؤذى مشاعرها -الزوجة - بشكل مباشر أو غير مُباشر حتى.

حسين، على عكس الأب كما عرفناه، فوجوده فى البيت لا يعني مطلقا ضجيج أقل أو انضباط أكثر، لا يعني أن على الأطفال المذاكرة أو التظاهر بالمذاكرة طوال الوقت، لا يعني أى شىء سوى كيان خفيف يمكن الاحتكام إليه عندما تتعقد الأمور لسبب أو لآخر مع "زينب" الزوجة الصارمة .. كيان تعلم أنّه سيتفهّم مواقف الجميع دون تحيّز،  ثم يُبدي رأيه دون أدنى حرص على أن يؤخذ به، قبل أن ينسحب إلى قوقعته مرة أخرى ..

لابد أن تعترف أن هذه هى نوعية الآباء التى تريدها، ليس عاطفيا دراميا يغدق الحب والأحضان دون مناسبة، ولا يمت بصلة للنموذج الشائع للأب المصري "السخيف" بكيانه الثقيل  المزعج، لابد أن تقولها بينك وبين نفسك مع انتهاء الفيلم " أنا عايز أب زى ده ".